Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Géneros
قلنا: فجبريل لم يحملها أيقدر عليها؟ فإن قالوا: لا فجبريل الذي قلب مدائن قوم لوط ومع ما يحكى من قوته هذه الذرة أقوى منه.
ويقال: ما تقولون في رجلين ضعيف وقوي، هل يتصور؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فكيف يتصور وهذا ضعيف لو وجدت فيه قدرة نقل جبل لقدر، والقوي لو لم يوجد فيه لا يقدر، فلا ينفصل القوي من الضعيف.
ويقال: أليس في الشاهد من لا يقدر على شيء لا يصح أمره ونهيه بذلك ولا حمده وذمه؟ فلا بد من: بلى، وإلا كابروا العقول.
فيقال: فعندكم أن أحدا لا يقدر على شيء مما يليق به ولم يفعله فوجب أن لا يصح الأمر والنهي والمدح والذم، وفي جنس ذلك دليل على فساد قولكم، وهذا مثل الذي ألزمنا المانوية بالنور والظلمة.
ويقال لهم: ما تقولون لو وجد في الأعمى والجاهل قدرة الكتابة ونقط المصاحف أيصح منه ذلك؟ فلا بد من: بلى.
فيقال: فأي فرق بين الأعمى والبصير والعالم والجاهل.
ويقال: ما تقول في رجل حمل مائة رطل لا يقدر على حمل أزيد منه، هل يقدر على حمل أنقص؟ فإن قال: نعم، وافقنا، وإن قال: لا، قلنا: فإذن حاله في تعذر حمل ما هو أزيد كتعذر ما هو أقل، وهذا مما تدفعه العقول.
ويقال لهم: تصور جملا حمل حملا وزنه مائة من وبين يديه حمل أحد عشر منا غير حامل له، أيقدر على حمل هذه العشرة؟ فإن قالوا: لا، كابروا العقول، وإن قالوا: نعم، تركوا مذهبهم.
ويقال لهم: أيجوز أن يكون قادرا غير فاعل؟ فإن قالوا: نعم، وافقونا، وإن قالوا: لا، قلنا: فوجب في القديم أن يكون فاعلا لم يزل.
Página 139