(النزول)
قيل: نزلت الآية في المنافقين، والآية متصلة بقوله: (ومن الناس من يقول آمنا)
عن أكثر أهل التفسير، وقيل: نزلت في اليهود، وقيل: إن أهل الصفة لم يأتوا بعد، عن سلمان، والأول أصح؛ لأن عليه أكثر أهل العلم، ونظم الكلام يقتضي ذلك.
* * *
(المعنى)
ثم ذكر تعالى خصلة أخرى من خصال المنافقين، فقال: وإذا قيل لهم قيل: للمنافقين، وقيل: لليهود لا تفسدوا في الأرض قيل: بممالأة الكفار؟ فإن فيه توهين الإسلام، وجرأة الكفار، عن أبي علي. وقيل: بالكفر والعمل بالمعصية وصد الناس عن الإيمان، عن ابن عباس. وقيل: بتبديل الملة، وتغيير السنة، وتحريف الكتاب، عن الضحاك. وقيل: لا تفسدوا باستدراج العامة إلى الباطل، وصدهم عن قبول الحق، ودعائهم إلى الكفر، عن الأصم. وقيل: بالتضريب بين ضعفة المسلمين، وقيل: بنصرة الكافرين. قالوا إنما نحن مصلحون على جهة الإظهار، والانطواء على خلافه، وقيل: يعني أن الذي تسمونه فسادا هو عندنا صلاح، وقائل هذا هو عبد الله بن أبي، كان يتعصب لليهود، فإذا غويت قال: أخشى الدوائر، فكان يوهم أن فعله صلاح، لما يخاف من العاقبة، ألا إنهم هم المفسدون أي العاصون، سميت المعصية فسادا لأنها توجب الهلاك، وقيل: لأنه يوجب إمساك المطر والنبات والرحمة، وفيه فساد الأرض، وقيل: هم المفسدون وإن أوهموا أنهم مصلحون.
ومتى قيل: لم قال: هم المفسدون وقد يفسد غيرهم؟
قلنا: لأنه عظم فسادهم، فلا يعتد بفساد غيرهم مع إفسادهم ولكن لا يشعرون لا يعلمون أنهم المفسدون، ولو علموا لرجي صلاحهم، وقيل: لا يعلمون ما لهم فيه من العقاب، وقيل: هم جهال لا يعرفون حقا من باطل، عن الأصم، وقيل: لا
Página 251