Disciplina en la Interpretación

Hakim Jushami d. 494 AH
164

قلنا: يحتمل وجهين: الجزم على النهي، تقديره: لا تلبسوا، ولا تكتموا، والآخر النصب على الظرف كأنه قال: لا يجتمع اللبس والكتمان، وقال الشاعر: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم كأنه قال: لا يجتمع النهي والإتيان به.

وعند الخليل وسيبويه والأخفش ينصب مثل ذلك بإضمار (أن)، ويكون تقدير الكلام لا يكن منكم لبس الحق وكتمانه.

* * *

(المعنى)

ثم نهى تعالى عن كتمان الحق فقال: ولا تلبسوا قيل: اللبس التعمية، وقيل: خلط الحق بالباطل، عن ابن عباس الحق بالباطل قيل: لا تخرجوا الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، وهذا عادة علماء السوء، ثم ذلك قد يكون بالكتمان، وقد يكون بالتحريف، فعظم تعالى ذلك من حيث كان إضلالا، وقيل: لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم في صفة محمد بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم لتلبسوا على العوام، وقيل: كان لبسهم الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض، وهو صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل: لا تحرفوا الكلام عن مواضعه، وقيل: لا تخلطوا الصدق بالكذب، عن ابن عباس، وقيل: كتموا صفة محمد والإسلام، وأظهروا اليهودية، وهو الباطل، وقيل: الحق التوراة المنزلة، والباطل: ما كتبوه بأيديهم، عن ابن زيد وتكتموا الحق أي لا تكتموا الحق وأنتم تعلمون الحق، وقيل : ثبوته وصفته فعاندتم، وهذا في رؤساء اليهود، وقيل: في أهل الكتاب، وهم جماعة يجوز عليهم الكتمان والعناد، وقيل: وأنتم تعلمون ما أنزل وسينزل بمن كذب على الله، وقيل: وأنتم تعلمون ما نزل ببني إسرائيل من المسخ وغيره.

ومتى قيل: لم صار ذنب العالم أعظم؟

Página 355