جواب ثان - وهو أنا لو حملنا ذلك كتابه أشبه بأن يقول لو كان يريد أن لا ينسب إليه جواب، كأن يقول: لا أدري ولا شيء عندي فإلا لم يجب بجواب الارتياء علمت أنه أراد بالجواب بيان مذهبه وقد بطل أنهما لا يرادان وكان بذلك أعلم أنه أراد أحدهما.
أما الجواب عن الذي قالوه من أن الاجتهاد نقل لنا فذلك لا يضرنا إذ نفس القياس والاستنباط فعل لنا وكذلك الاستدلال بالأثر لأنه فعلنا.
جواب ثان - وهو أن كل الشريعة على أنا ننسب إلى الله الدين والحلال والحرام من حيث أفعالنا أفيجوز أن يقال أن ذلك ليس بجائز في الدين لأنه فعل الآدميين، ومع ذلك فقد بينا على ما قررناه في المذهب أنه يجوز أن ننسب إليه القول من حيث القياس، ويكون ذلك مذهبا على ما أداه إليه اجتهادنا لأصله مطابق، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرنا سالما.
فأما الجواب عن الذي قالوه من أمر اجتهاده وأنه قد يخالف ما عنده فذلك لا يضرنا، إذ اجتهادنا وإن خالف اجتهاده فليس يخرجنا ذلك عن متابعته في طريقه إذ الاستدلال بالكتاب والسنة إذا كنا له طالبين كما أمرنا به وأننا قد بصرنا على ما كشفه لنا بمثابة سرنا على ما كشفه الله وليس وإن افترقنا من حيث قوة الإصابة تخرجنا من المتابعة والمساواة، وإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
جواب ثان - هو إنا فيما نسلكه نحن في المذهب، إنما هو على قوة ما يصح عندنا من أجوبته فيحمل ذلك على موجبها عندنا من حيث ظاهر أجوبته، وإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما وبالله التوفيق.
فصل في أصل أجوبته بالاختلاف
إن قال أصحاب الشافعي قد أنكرتم على الشافعي إن أجاب في حادثة فيها قولان، ورضيتم لأبي عبد الله ما هو أبعد من ذلك أنه يجيب بأن يقول
1 / 60