[91] هو قول ظاهر البطلان فى نفسه . فانه ان سلم ان امكان وجود الانسان وعدمه هو على السواء فى المادة التى خلق منها الانسان وان ذلك دليل على وجود مرجح فاعل للوجود دون العدم فليس يمكن ان يتوهم ان امكان الابصار من العين ولا ابصار هو على السواء وذلك انه ليس لاحد ان يدعى ان الجهات المتقابلة متماثلة ولكن له ان يدعى ان القابل لهما متماثل وانه يلزم عنهما أفعال متماثلة وكذلك المتقدم والمتأخر ليس هما متماثلين من حيث هذا متقدم وهذا متأخر وانما يمكن ان يدعى انهما متماثلان فى قبول الوجود .
[92] وهذا كله ليس بصحيح فان الذى يلزم المتقابلات بالذات ان تكون القابلات لها مختلفة واما ان يكون قابل فعل الاضداد واحدا فى وقت واحد فذلك مما لا يمكن .
[93] والفلاسفة لا يرون امكان وجود الشىء وعدمه على السواء فى وقت واحد بل زمان امكان الوجود غير زمان عدمه والوقت عندهم شرط فى حدوث ما يحدث وفى فساد ما يفسد ولو كان زمان امكان وجود الشىء وزمان عدمه واحدا أعنى فى مادة الشىء القريبة لكان وجوده فاسدا لامكان عدمه ولكان امكان الوجود والعدم انما هو من جهة الفاعل لا من جهة القابل . ولذلك من رام من هذه الجهة اثبات الفاعل فهو قول مقنع جدلى لا برهانى وان كان يظن بابى نصر وابن سينا انهما سلكا فى اثبات ان كل فعل له فاعل هذا المسلك وهو مسلك لم يسلكه المتقدمون وانما اتبع هذان الرجلان فيه المتكلمين من اهل ملتنا .
Página 54