[16] قلت هذا المثال الوضعى من الطلاق اوهم انه يؤكد به حجة الفلاسفة وهو يوهيها لان للاشعرية ان تقول انه كما تأخر وقوع الطلاق عن اللفظ الى وقت حصول الشرط من دخول الدار او غير ذلك كذلك تأخر وقوع العالم عن ايجاد البارى سبحانه اياه الى وقت حصول الشرط الذى تعلق به وهو الوقت الذى قصد فيه وجوده لكن ليس الامر فى الوضعيات كالامر فى العقليات ومن شبه هذا الوضعى بالعقلى من أهل الظاهر قال لا يلزم هذا الطلاق ولا يقع عند حصول الشرط المتأخر عن تطليق المطلق لانه يكون طلاقا وقع من غير ان يقترن به فعل المطلق ولا نسبة للمعقول من المطبوع فى ذلك المفهوم الى الموضوع المصطلح عليه
[17] ثم قال ابو حامد مجاوبا عن الاشعرية والجواب ان يقال استحالة ارادة قديمة متعلقة باحداث شىء أى شىء كان تعرفونه بضرورة العقل او نظره وعلى لغتكم فى المنطق أتعرفون الالتقاء بين هذين الحدين بحد أوسط أو من غير حد أوسط فان ادعيتم حدا أوسط وهو الطريق الثانى فلا بد من اظهاره وان ادعيتم معرفة ذلك ضرورة فكيف لم يشارككم فى معرفته مخالفوكم والفرقة المعتقدة لحدوث العالم بارادة قديمة لا يحصرها بلد ولا يحصيها عدد ولا شبهة فى انهم لا يكابرون العقول عنادا مع المعرفة فلا بد من اقامة برهان على شرط المنطق يدل على استحالة ذلك اذ ليس فى جميع ما ذكروه الا الاستبعاد والتمثيل بعزمنا وارادتنا وهو فاسد فلا تضاهى الارادة القديمة القصود الحادثة وأما الاستبعاد المجرد فلا يكفى من غير برهان
[18] قلت هذا القول هو من الاقاويل الركيكة الاقناع وذلك ان حاصله هو انه اذا ادعى مدع ان وجود فاعل بجميع شروطه لا يمكن ان يتأخر عنه مفعوله فلا يخلو ان يدعى معرفة ذلك اما بقياس واما انه من المعارف الاولى فان ادعى ذلك بقياس وجب عليه ان يأتى به ولا قياس هنالك وإن ادعى ان ذلك مدرك بمعرفة اولى وجب ان يعترف به جميع الناس خصومهم وغيرهم وهذا ليس بصحيح لانه ليس من شرط المعروف بنفسه ان يعترف به جميع الناس لان ذلك ليس اكثر من كونه مشهورا كما انه ليس يلزم فيما كان مشهورا ان يكون معروفا بنفسه
Página 13