[15] لكن ابو حامد انتقل من هذا البيان الى مثال وضعى فشوش به هذا الجواب عن الفلاسفة وهذا هو قوله قال ابو حامد وليس استحالة هذا الجنس فى الموجب والموجب الضرورى الذاتى بل وفى العرفى والوضعى فان الرجل لو تلفظ بطلاق زوجته ولم تحصل البينونة فى الحال لم يتصور ان تحصل بعده لانه جعل اللفظ علة للحكم بالوضع والاصطلاح فلم يعقل تأخر المعلول الا ان يعلق الطلاق بمجىء الغد او بدخول الدار فلا يقع فى الحال ولكن يقع عند مجىء الغد وعند دخول الدار فانه جعله علة بالاضافة الى شيء منتظر فلما لم يكن حاضرا فى الوقت وهو الغد ودخول الدار توقف حصول الموجب على حضور ما ليس بحاضر فما حصل الموجب الا وقد تجدد امر وهو الدخول او حضور الغد حتى أنه لو اراد مريد ان يؤخر الموجب عن اللفظ غير منوط بحصول ما ليس بحاصل لم يعقل مع انه الواضع بذاته المختار فى تفصيل الوضع فاذا لم يكن وضع هذا مفهوما ولم نعقله فكيف نعقله فى الايجابات الذاتية العقلية الضرورية . وأما فى العادات فما يحصل بقصدنا لا يتأخر عن القصد مع وجود القصد اليه الا لمانع فان تحقق القصد والقدرة وارتفعت الموانع لم يعقل تأخر المقصود اليه وانما يتصور ذلك فى العزم لان العزم غير كاف فى وجود الفعل بل العزم على الكتابة لا يوقع الكتابة ما لم يتجدد قصد هو انبعاث فى الانسان متجدد حال الفعل فان كانت الارادة القديمة فى حكم قصدنا الى الفعل فلا يتصور تأخر المقصود الا لمانع ولا يتصور تقدم القصد اذ لا يعقل قصد فى اليوم الى قيام فى الغد الا بطريق العزم وان كانت الارادة القديمة فى حكم عزمنا فليس ذلك كافيا فى وقوع المعزوم عليه بل لا بد من تجدد انبعاث قصدى عند الايجاد وفيه قول بالتغير . ثم يبقى عين الاشكال فى ان ذلك الانبعاث او القصد او الارادة او ما شئت ان تسميه لم حدث الآن ولم يحدث قبل فاما ان يبقى حادث بلا سبب او يتسلسل الى غير نهاية ورجع حاصل الكلام الى انه وجد الموجب بتمام شروطه ولم يبق أمر منتظر ومع ذلك ينأخر الموجب ولم يوجد فى مدة لا يرتقى الوهم الى اولها بل آلاف سنين لا تنقص شيئا منها ثم انقلب الموجب بغتة ووقع من غير أمر تجدد وشرط تحقق وهذا محال
Página 12