[الحج : 1] ، ومن بيان ما قلنا به في الزلزلة من القول ، وإنه من الشدائد والهول ، قول رب العالمين ، عند نزول الشدة والهول في يوم الأحزاب بالمؤمنين : ( إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا (10) هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا (11)) [الأحزاب : 10 11].
تأويل إخراج الأرض لأثقالها ، فهو طرحها لما كان عليها من أحمالها ، والأثقال ، هي : الأحمال ، وأحمال الأرض : فما جعل الله عليها ، وكان من الثقل الذي هو الإنس ساكنا فيها ، من ميت وحي ، وفاجر وتقي ، وكيف لا تكون مخرجة لهم منها؟! وكلهم فمنتقل إلى دار القرار عنها ، وأرض الحياة الدنيا فأرض بائدة فانية ، وأرض دار القرار خالدة باقية ، ومن أثقال الأرض من في قبورها ، ومن كان من الموتى على ظهورها ، فمن كل ذلك طائعة تتخلى ، من قبل أن تبيد وتبلى.
وفي تخليها من ذلك كله ، وإخراجها عنها له ، ما يقول الله جل جلاله ، من أن يحويه قول أو يناله : ( وإذا الأرض مدت (3) وألقت ما فيها وتخلت (4)) [الانشقاق : 3 4] ، تأويل ذلك : أوحشت الأرض من أهلها وأخلت ، فنشر موتاها نشرا ، وحشر الموتى إلى الموقف حشرا ، وعند ذلك من حالها ، وما يخرج من أثقالها ، يقول الإنسان والإنسان : فهو الناس كلهم عند ما يرون من زلزالها ، وإخراجها لما كان فيها من أثقالها : ما للأرض وما شأنها؟! فتحدث الأرض حينئذ بخبرها أعيانها ، بأن الله سبحانه قد أوحى لها ، فقطع مدتها وأجلها ، فحان فناؤها ، وانقطع بقاؤها ، ف ( يومئذ يصدر الناس )، كما قال الله سبحانه : ( أشتاتا ليروا أعمالهم ) (6) وتأويل أشتاتا ، هو يصدرون عن موردهم في حشرهم صدرا أشتاتا متفاوتا ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، خالدا كل فريق منهم فيما صار إليه من مصير ، فيرى كل من عمل مثقال ذرة من خير وشر ، ما قدم لنفسه من عمل في فجور أوبر ، كما قال سبحانه : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره (8)) فتأويل يراه : فهو يجزاه.
Página 95