200

[يوسف: 43، 46]؟ (قلت): هذا لما قدمت عند قوله: ثلاثة قروء؛ من وقوع أمثلة الجمع. متعاورة مواقعها. " انتهى ". فجعل هذا من باب الاتساع ووقوع أحد الجمعين موقع الآخر على سبيل المجاز إذ كان حقه أن يميز بأقل الجمع، لأن السبع من أقل العدد. وتقدم لنا أن هذا ليس من باب الاكتفاء واشبعنا الكلام في ذلك البحر.

{ في كل سنبلة } في موضع الصفة لسبع أو لسنابل. وقرىء مائة حبة بالنصب أي أخرجت الحبة مائة حبة. والظاهر في المائة العدد المعروف، أو ذكرت كناية عن الكثير إذ المائة مما يعبر بها عن الكثير، والمنة: النعمة، من عليه: أنعم، والمن المذموم ذكر النعمة للمنعم عليه على سبيل الفخر عليه والاعتداد بإحسانه والمن من الكبائر. ثبت في صحيح مسلم وغيره انه أحد الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.

{ ثم لا يتبعون مآ أنفقوا } دليل على أن النفقة تمضي في سبيل الله ثم يتبعها ما يبطلها وهو المن والأذى فقبولها موقوف على هذه الشرائطة، والأذى يشمل المن وغيره. وذكر الأذى عموم بعد خصوص وقدم المن لكثرة وقوعه ومن المن أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه. أو يتحدث بما أعطى فيبلغ ذلك المعطى فيؤذيه. ومن الأذى أن يسب المعطي أو يشتكي منه أو يقول: ما أشد إلحاحك، وخلصنا الله منك، أو: أنت أبدا تجيئني، أو يكلفه الاعتراف بما أسدى إليه. والذين مبتدأ خبره.

{ لهم أجرهم } ولم يضمن الذين معنى الشرط فتدخل الفاء في الخبر لأن هذه الجملة مفسرة للجملة قبلها المخرجة مخرج الشيء الثابت المفروغ منه وهو تشبيه إنفاقهم بالحبة الموصوفة وهي كناية عن حصول الأجر الكثير، فجاءت هذه الجملة كذلك أخرجت فخرج الشيء الثابت المستقر الذي لا يكاد خبره يحتاج إلى تعليق استحقاق لوقوع ما قبله،.

{ قول معروف } هو الدعاء والتأنيس والترجية بما عند الله.

{ ومغفرة } دعاء بالغفران إما له وإما للسائل. وقول مبتدأ ومسوغ الابتداء وصفه. ولما تقدم ذكر قوله: منا، ولا أذى، وهما نكرتان جاء في هذه الجملة بالمن والأذى معرفتين كقوله:

فعصى فرعون الرسول

[المزمل: 16]، بعد قوله:

إلى فرعون رسولا

[المزمل: 15]. والكاف من قوله: كالذي، في موضع نعت لمصدر محذوف أي إبطالا كابطال صدقة الذي أو في موضع الحال أي مشبهين الذي ينفق فالظاهر ان هذا المنفق الموصوف في الآية هو المنافق والرياء مصدر راءا من الرؤية وهو أن يرى الناس ما يفعله من البر حتى يثنوا عليه ويعظموه ويظنوا أنه من أهل الخير وممن ينفق لوجه الله تعالى وانتصب رياء على أنه مفعول من أجله أو مصدر في موضع الحال.

Página desconocida