Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar
تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر
Investigador
د عبد الله بن عبد المحسن التركي
Editorial
دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Géneros
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ الِاسْتِعَاذَةِ
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿أَعُوذُ﴾ [البقرة: ٦٧] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالِاسْتِعَاذَةُ: الِاسْتِجَارَةُ، وَتَأْوِيلُ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، أَسْتَجِيرُ بِاللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَنْ يَضُرَّنِيَ فِي دِينِي، أَوْ يَصُدَّنِي عَنْ حَقٍّ يَلْزَمُنِي لِرَبِّي
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الشَّيْطَانِ﴾ [آل عمران: ٣٦] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالشَّيْطَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كُلُّ مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالدَّوَابِّ وَكُلِّ شَيْءٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ رَبُّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ [الأنعام: ١١٢] فَجَعَلَ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينَ، مِثْلَ الَّذِي جَعَلَ مِنَ الْجِنِّ
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَرَكِبَ بِرْذَوْنًا، فَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بِهِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا تَبَخْتُرًا، فَنَزَلَ عَنْهُ، وَقَالَ: «مَا حَمَلْتُمُونِي إِلَّا عَلَى شَيْطَانٍ مَا نَزَلْتُ عَنْهُ حَتَّى أَنْكَرْتُ نَفْسِي» حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: خَبَّرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُتَمَرِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ شَيْطَانًا، لِمُفَارَقَةِ أَخْلَاقِهِ وَأَفْعَالِهِ أَخْلَاقَ سَائِرِ جِنْسِهِ وَأَفْعَالَهُ، وَبُعْدِهِ عَنِ الْخَيْرِ؛ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ أُخِذَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: ⦗١١٠⦘ شَطَنْتُ دَارِي مِنْ دَارِكَ، يُرِيدُ بِذَلِكَ بَعُدْتُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الوافر]
نَأَتْ بِسُعَادَ عَنْكَ نَوَى شَطُونُ ... فَبَانَتْ وَالْفُؤَادُ بِهَا رَهِينُ
وَالنَّوَى: الْوَجْهُ الَّذِي نَوَتْهُ وَقَصَدَتْهُ، وَالشَّطُونُ: الْبَعِيدُ، فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، فَيْعَالٌ مِنْ شَطَنَ؛ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
[البحر الخفيف]
أَيُّمَا شَاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ ... ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالْأَكبْالِ
وَلَوْ كَانَ فَعْلَانُ، مِنْ شَاطَ يَشِيطُ، لَقَالَ أَيُّمَا شَائِطٍ، وَلَكِنَّهُ قَالَ أَيُّمَا شَاطِنٍ، لِأَنَّهُ مِنْ شَطَنَ يَشْطُنُ، فَهُوَ شَاطِنٌ
1 / 109