138

Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

Editor

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

Editorial

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Géneros

جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] لَهَا نَعْتًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ خَطَأٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا وَصَفَتْ مَعْرِفَةً مُؤَقَّتَةً بِنَكِرَةٍ أَنْ تُلْزِمَ نَعْتَهَا النَّكِرَةَ إِعْرَابَ الْمَعْرِفَةِ الْمَنْعُوتِ بِهَا، إِلَّا عَلَى نِيَّةِ تَكْرِيرِ مَا أَعْرَبَ الْمُنْعَتُ بِهَا. خَطَأٌ فِي كَلَامِهِمْ أَنْ يُقَالَ: مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ غَيْرِ الْعَالِمِ، فَتَخْفِضُ غَيْرِ إِلَّا عَلَى نِيَّةِ تَكْرِيرِ الْبَاءِ الَّتِي أَعْرَبَتْ (عَبْدَ اللَّهِ) فَكَانَ مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ قِيلَ كَذَلِكَ: مَرَرْتُ (بِعَبْدِ اللَّهِ) مَرَرْتُ بِغَيْرِ الْعَالِمِ. فَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيِ الْخَفْضِ فِي: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْ وَجْهَيِ الْخَفْضِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ الْمُؤَقَّتَةِ. وَإِذَا وُجِّهَ إِلَى ذَلِكَ، كَانَتْ غَيْرِ مَخْفُوضَةً بِنِيَّةِ تَكْرِيرِ الصِّرَاطِ الَّذِي خُفِضَ الَّذِينَ عَلَيْهَا، فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] صِرَاطَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ. وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ فِي ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧]، وَإِنِ اخْتَلَفَا بِاخْتِلَافِ مُعْرِبِيهِمَا، فَإِنَّهُمَا يَتَقَارَبُ مَعْنَاهُمَا؛ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهَدَاهُ لِدِينِهِ الْحَقِّ فَقَدْ سَلِمَ مِنْ غَضَبِ رَبِّهِ وَنَجَا مِنَ الضَّلَالِ فِي دِينِهِ، فَسَوَاءٌ إِذْ كَانَ سَامِعُ قَوْلِهِ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦] ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] غَيْرَ جَائِزٍ أَنْ يَرْتَابَ مَعَ سَمَاعِهِ ذَلِكَ مِنْ تَالِيهِ فِي أَنَّ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْهِدَايَةِ لِلصِّرَاطِ، غَيْرُ غَاضِبٍ رَبُّهُمْ عَلَيْهِمْ مَعَ النِّعْمَةِ الَّتِي قَدْ عَظُمَتْ مِنَّتُهُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ، وَلَا أَنْ يَكُونُوا ضُلَّالًا وَقَدْ هَدَاهُمْ لِلْحَقِّ رَبُّهُمْ، إِذْ كَانَ مُسْتَحِيلًا فِي فِطَرِهِمُ اجْتِمَاعُ الرِّضَا مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ شَخْصٍ وَالْغَضَبِ

1 / 181