Tafsir al-Quran al-Thari al-Jami'
تفسير القرآن الثري الجامع
Géneros
[مقدمة المؤلف]
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد المرسلين، وخاتم النبيِّين، ورحمة العالمين.
تبقى أسرارُ القرآن الكريم حبلَ الله ونورَه في السموات والأرض فوق كلِّ تفسير، وأكبرَ من أن يحيط بها علمٌ، أو يصل إلى حقيقتها عقل بشر، أو يعلم منتهاها إلا الذي أنزلها سبحانه؛ فقد حارت عقول علماء الفقه والتفسير، وعلماء اللغة والنحو والبيان، وعلماء الكون في عظمة كلام الله ﷿ وإعجازه.
فالكلُّ يُقرُّ ويعترف بأنهم مهما بلغوا من العلم في تفسير كتاب الله ﷿ ما بلغوا إلا قليلًا، ولم يدركوا من أسراره ومعانيه إلا يسيرًا، أو ما سواه إلا نقيرًا، أو فتيلًا، أو قطميرًا، أو حبةً من خردل، أو ذرَّة، أو دون ذلك، أو قطرة من بحر يمدُّه من بعده سبعة أبحر.
هذا الكتاب الذي نزَّله على عبده، ولم يجعل له عوجًا؛ ليكون للعالمين نذيرًا، ويبشِّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرًا حسنًا.
والكلُّ يعلم أن هذا القرآن لا يزال يُفسَّر طوال (١٤) قرنًا، وفي كلِّ زمن تظهر بعض المعاني والأسرار الجديدة، وكما قيل: لا تنقضي عجائبه.
ولقد استغرقتُ أكثر من (٢٥) عامًا في كتابة هذا التفسير مستندًا إلى مصادر علمية موثوقة تطرَّق إليها الباحثون، وتفسير القرآن بالقرآن، والدراسات في علوم القرآن والأشباه والنظائر، والتفسير الموضوعي، وعلوم اللغة والبيان والنحو والبلاغة.
هذا التفسيرُ هو لوجه الله تعالى، لا أبتغي من ورائه درهمًا ولا مالًا ولا سمعةً، ولا شيئًا إلا رضوان الله تعالى، وإن شاء الله سوف يوزَّع مجانًا على أهل العلم.
وهذا التفسير يشمل عدَّة أجزاء، ومنهجه كما يلي:
١ - قسمتُ الآيات إلى وحدات، كل وحدة تمثِّل صفحة من القرآن بالرسم العثماني، يليها تفسير لتلك الوحدة.
٢ - ذكرُ أسباب نزول بعض الآيات التي تُعين على البيان.
٣ - محاولةُ تفسير كل حرف أو كلمة ومعانيها.
٤ - معرفةُ الفروق اللغوية بين الكلمات المتشابهة أو القريبة في المعنى.
٥ - معرفةُ أصل كثير من الكلمات التي تردَّدت في القرآن، وكيف اشتُقَّت.
٦ - مقارنةُ كثير من الآيات المتشابهة في السور المختلفة أو السورة الواحدة.
٧ - محاولةُ عدم تكرار التفسير والإشارة بالرجوع إلى الآيات الأخرى السابقة، أو اللاحقة.
٨ - محاولةُ تبيانِ جانبٍ من الإعجاز البياني واللُّغوي، والإعجاز العلمي في كثير من الآيات.
٩ - ذكرُ أكثر من معنى للآية إذا كانت تحتمل ذلك.
١٠ - ذكرُ المصادر التي استُخدمت في هذا التفسير في نهاية التفسير، ولم أذكرها تحت كلِّ آيةٍ، أو تفسيرٍ خوفًا من الإطالة، أو تشتُّت الأفكار، وليعلمَ كلُّ قارئ أَنِّي تجنَّبتُ أيَّ رأيٍ ضعيف، أو تفسير في شكٍّ.
١١ - وقد قمتُ بمقارنةٍ بين كثير من التفاسير المتعارف عليها، ووجدتها متشابهة في أكثر من (٨٠ - ٩٠%)، وكثيرٌ فيها لا يشفي طموح الناس، أو ما يخطر ببال القارئ أحيانًا؛ فحاولتُ الإجابة عليها قدرَ الإمكان، وما هداني إليه ربِّي، وأرجو منه القَبولَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
المؤلِّف
الدكتور محمَّد الهلال
مقدمة / 4