قال الشيخ ﵀: يقال شح ويشح وحكى يشح بفتح الشين، وقالوا شحيح وشحاح قال ابن هرمة:
وإنّي وَتَركي نَدَى الأكرمِينَ ... وقَدْ حي بكَفِّي زَندًا شَحاحا
كتارِكةٍ بَيضها بالعَراء ... ومُلبِسَةٍ بَيضَ أُخرى جَناحا
والمؤشر الذي به الأشر وهو تخزيز في أطراف الأسنان، يدل على حداثة السن، يقال أشور وأشر فإذا قالوا مؤشر جاز أن يجعل الهمزة واوا خالصة لأنها مفتوحة قبلها ضمة.
حَكَيْتَ يا لَيْلُ فَرْعَها الوَارِدْ ... فاحْكِ نَوَاها لَجفنِي السَّاهِدْ
قال الشيخ ﵀: الفرع الشعر، والوارد يحتمل وجهين أحدهما أنه قد طال حتى قد ورد إلى الكفل، والآخر أنه يعمل بالأدهان الطيبة فكأنه يرد الماء لكثرة ما يسقاها وقوله) حكيت يا ليل فرعها (أي أنك طويل شديد السواد. وقوله) فاحك نواها لجفني الساهد (أي أبعد عني كما بعدت هي، فأنك ثقيل علي.
أوْ مُوضِعًا في فِتان ناجِيَةٍ ... تَحمِلُ في التَّاجِ هامَةَ العَاقِدْ
قال ابن جني: الموضع هو المسرع في سيره، والفتان غشاء من أدم يكون للرجل، الناحية الناقة السريعة، أي يرد عليه كل ساعة مبشر بهلاك عدو وأخذ رأسه في تاجه الذي عقده عليه فيجيئه به.
وَمُتَّقٍ والسّهامُ مُرسَلَةٌ ... يحيصُ عَنْ حابضٍ إلى صَارِدْ
قال ابن جني: حبض السهم إذا وقع بين يدي الرامي لضعفه، وقد أحبضه صاحبه، وصرد السهم إذا نفذ من الرمية، ومعنى البيت أي رب إنسان يعدل عن أمر ليس بالعظيم إلى ما فيه هلاكه، وهو كقول الآخر:
المسّتَغيثُ بعَمروٍ عندَ كُربتهِ ... كالمُستَجِير من الرّمضاء بالنَّارِ
ويحيص: يعدل.
ومن التي أولها: كم قَتيلٍ كَما قُتِلْتُ شَهيدِ
عَمرَكَ اللهَ هَلْ رأيتَ بُدُورًا ... طَلَعَتْ في بَرَاقِعٍ وَعُقُودِ
قال الشيخ ﵀: عمرك كلمة تستعمل في القسم، فإذا دخلت عليها لام الابتداء كانت مرفوعة، وكان الخبر محذوفا، وإذا فقدت اللام فهي منصوبة وانتصابها بفعل مضمر، كأنه قال أذكرك عمرك الله أو نحو ذلك من الأفعال، والعمر يجب أن يكون مصدر عمر يعمر وهو هنا موضوع موضع الخدمة كأنه قال أذكرك خدمتك الله. أخذ من قولهم عمرت البيت الحرام إذا زرته، ومنه اشتقاق الاعتمار والعمرة، وقال غالب بن الحر الجعفي أنشده ابن الأعرابي في صفة النخل:
يَطوفُ بها الزُوارُ كُلٌّ.... ... كما طافَتْ العُمَّارُ حول المناسِكِ
فلما كانت الزيارة فيها تواضع للمزور جعلت الخدمة عمرا، وقال قوم ومعنى قولهم: عمرك الله أي حلفك بعمرة إذا قال لعمر، والعمر البقاء وقالوا عمرتك الله أي جعلتك تحلف بعمرة، قال الشاعر:
عَمّرتُكِ الله إلاَّ ما ذَكرتِ لنا ... هل كُنتِ جارتَنا أيامَ ذِي سَلَمِ
ويحتمل أن يكون قولهم: عمرك الله مأخوذ من عمرت الدنيا من العمارة، أي يعمرك المنازل المشرفة بذكر الله وعبادته، ويكون هذا الكلام مجانسا لقوله تعالى:) هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله (أي: أمر الله فحذف المضاف.
حرف الراء
من التي أولها:
طِوَالُ قَنًا تُطاعِنُها قِصَارُ ... وَقَطرُكَ في وَغىً ونَدىً بِحارُ
قال أبو العلاء: يقول للممدوح طوال قنا تطاعن فرسانها قصار، وليس هذا وصفا لها بالقصر، ولكنها يريد أنها وأن كانت طوالا فهي قصيرة عند رماحه، ولولا مجيء النصف الثاني وتبيينه المراد بالنصف الأول. لأحتمل أن يكون طوال قنا خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال هذه طوال قنا، وذلك كثير جدا، ومنه قول القطامي:
أُمورٌ لو تَدَبّرَها حَليمٌ ... إذن لَنَهى وَهَيَّبَ ما استَطاعَا
أي هذه أمور وتلك أمور، وقطرك جمع قطرة، ولا يحسن أن يجعل القطر هاهنا مصدر قطر بقطر قطرا، لأنه بحار فأخبر بالجمع عن الجمع.
وكانَتْ بالتَّوَقُّفِ عَنْ رَدَاها ... نُفُوسًا في رَدَاها تُستَشارُ
قال ابن جني: أي كأن سيف الدولة بتوقفه عن قصدهم وإهلاكهم كأنه يستشيرهم في قتله إياهم، وكانوا هم بتابعهم في غيهم وعتوهم وإقامتهم على عصيانهم كأنهم يشيرون عليه بأن يقتلهم.
وكُنتَ السَّيفَ قائمُهُ إلَيهِمْ ... وفي الأعداءِ حَدُّكَ والغِرَارُ
فَأمسَتْ بالبَدِيَّةِ شَفرَتاه ... وأمسَى خَلفَ قائِمهِ الحِيارُ
1 / 37