74

Tafsir

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

Investigador

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

Editorial

دار الكتب العلمية بيروت

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

Ubicación del editor

لبنان.

Géneros

فيقوده القياس- وهو من طباع البشر أيضًا- الفاسد: إلى ترك الرجوع والسؤال، من الرب الكريم العظيم النوال. فهذان الأمران يقعدانه عن الرجوع والتوبة، فيستمر في حمأة (١) المعصية، وذلك هو الهلاك المبين. فكان حاله مقتضيًا لأن يؤكد حصول المغفرة عند رجوعه بتلك المؤكدات. وقد كان مقتضى الظاهر في تركيب الآية أن يقال: إن تكونوا صالحين فإنه كان لكم غفورًا؟ لأن المقام للإضمار. لكنه عدل عن الضمير إلى الظاهر فقيل: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ لينص على شرط المغفرة وهو الأوبة والرجوع. وعلم من ذلك أن الصالح عندما تقع منه الذنوب مطالب- كغيره- بالأوبة، لتحصيل المغفرة، لأن فرض الأوبة إلى الله من المعاصي عام على الجميع. وقد اشتملت الآية من فعل الشرط، وهو ﴿إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ﴾، وجواب الشرط، وهو ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ - على الحالتين اللازمتين للإنسان لتكميل نفسه، وهما الصلاح المستفاد من الأول، والإصلاح بالأوبة المستفاد من الثاني. وما دام الإنسان مجاهدًا في تزكية نفسه بهذين الأصلين فإنه بالغ أملًا ورجاءً- بإذن الله- درجة الكمال. ثبتنا الله والمسلمين عليهما، وحشرنا في زمرة الكاملين المكملين إنه المولى الغفور الكريم. إيتاء الحقوق لأربابها ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (٢٦) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) ٢٧ (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (٢٨) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٣٠)﴾ [الإسراء: ٢٦ - ٣٠]. تمهيد الناس كلهم في حاجة مشتركة إلى بعضهم. وما من أحد إلاّ وله حقوق على غيره، ولغيره حقوق عليه.

(١) الحمأة والحمأ: الطين الأسود المنتن. انظر (المعجم الوسيط: [ص:١٩٥]).

1 / 78