ناصر له- كذلك حذر هنا بمآل المشرك في آخرته، بإلقائه في جهنم، ملومًا على ما قدم، مطرودًا مبعدًا في دركات الجحيم.
...
نظرة عامة في الآيات المتقدمة:
قد تضمنت هذه الآيات على قلّتها: الأصول التي عليها تتوقف حياة النوع البشري وسعادته:
من حفظ النفوس والعقول: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ...﴾.
والأنساب، والأموال، والحقوق، ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ...﴾، ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ﴾ ..
والأعراض: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ..﴾، ﴿وَلَا تَقْفُ ...﴾ ...
والدين الذي هو عمدة ذلك كله وفي حفظه حفظ لجميعها.
وفي افتتاح الآيات بقوله تعالى:
﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا﴾. وختمها بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا﴾، بيان من الله تعالى لخلقه، بأن الدين هو أصل هذه الكمالات كلها، وهو سياج وقايتها، وسور حفظها، وأن التوحيد هو ملاك (١) الأعمال وقوامها، ومنه بدايتها وإليه نهايتها.
وكذلك المسلم الموفق يبتدي حياته بكلمة التوحيد حتى يموت عليها.
فالله نسأل- كما منَّ علينا بها في البداية- أن يمن علينا بها في النهاية.
اللهم هذا لنا، وللمسلمين أجمعين.
القَول الحسَنُ
﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (٥٤)﴾ [الإسراء:٥٣ و٥٤].
تمهيد:
اللسان أداة البيان، وترجمان القلب والوجدان.