{ ولهديناهم صراطا مستقيما } [النساء: 68] يوصلهم إلينا بلا اعوجاج ولا انحراف.
اهدنا بلطفك صراطا مستقيما يوصلنا إلى ذروة توحيدك.
[4.69-73]
{ و } واعلموا أيها المؤمنون { من يطع الله } حق إطاعته { و } حق إطاعته أن يطيعوا { الرسول } المستخلف منه { فأولئك } المطيعون لله ولرسوله مصاحبون { مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين } الذين يجمعون بين مرتبتي الكمال والتكميل، الفائزون بمقام الكشف والشهود، لا يرون غير الله في الوجود، ولذلك يدبرون الظاهر والباطن { والصديقين } وهم الذين يصلون إلى مقام المشاهدة، ويتحيرون بمطالعة وجه الله الكريم إلى حيث لا يلتفتون إلى الكمال والتكميل، بل يهيمون ويستغرقون { والشهدآء } وهم الذين يرفعون مزاحمة هويتهم عن البين مطلقا { والصالحين } وهم الذين يستعدون نفوسهم لنقصان المراتب السابقة، ويترصدون لها إيمانا واحتسابا { وحسن أولئك } المقربون المجتهدون في طريق التوحيد مقدورهم { رفيقا } [النساء: 69] شفيقا للساكنين المتوجهين نحوه.
{ ذلك الفضل } والهداية والرفاقة مع هؤلاء العظماء وللإنعام تفضلا { من الله } وامتنانا منه لا صنع للعبد فيه، ولا علم لأحد في كيفيته وكيمته { وكفى بالله عليما } [النساء: 70] في مقدوراته وهوهوبته.
هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
ومن أجل أسباب المرافقة مع هؤلاء المقربين: الجهاد؛ لذلك أمرهم سبحانه بتهيئة أسبابه ليتهيئوا له، فقال مناديا اهتماما لشأنه: { يأيها الذين ءامنوا } مقتضى إيمانكم ترويج دينكم، ونصرة نبيكم { خذوا حذركم } أي: عدتكم التي بها تحذرون عن العدو واستعدوا للقتال، وبعدما تم استعدادكم { فانفروا } اخرجوا قبل العدو { ثبات } فرقة بعد فرقة { أو انفروا جميعا } [النساء: 71] مجتمعين مختلطين؛ لأنه أدخل في المهابة.
{ وإن منكم لمن ليبطئن } أي: وإن أناسا منكم والله ليتكاسلن، ويتثاقلن لنفاقهم ومرض قلوبهم { فإن أصبتكم مصيبة } قتل وهزيمة { قال } المنافق المتكاسل { قد أنعم الله علي } بسبب هذا البطء والتأخير { إذ لم أكن معهم شهيدا } النساء: 72] حاضرا فيصيبني ما أصابهم.
{ ولئن أصبكم فضل من الله ليقولن } متمنيا من فرط تحسره وتحسده بكم { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } أي: كتحسر الأعداء للأعداء: { يليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما } [النساء: 73] مثل ما فازوا.
وإن أبطأ المنافقون في أمر القتال، وتكاسلوا نفاقا.
Página desconocida