La comida en el mundo antiguo
الطعام في العالم القديم
Géneros
الشاعر مهتم بوصف تفاصيل طقس تقديم القرابين والطهي، ويخصص مساحة أقل لوصف تناول الطعام والمأدبة نفسها. وأكثر الأطعمة الشائعة هي اللحم البقري والخبز، ولكن كثيرا ما تقدم «كل أنواع الأطعمة». وسنلاحظ قدرا كبيرا من الاهتمام في القرون اللاحقة بما يقدم على المائدة.
من الممكن القول بإيجاز إن أقدم الأعمال الأدبية في اليونان استخدمت الأطعمة وعادات تناول الطعام للتعبير عن الهوية، وللإفصاح عن السلوك اللائق وغير اللائق، وعن النجاح أو الفشل في العلاقات بين الآلهة والبشر وفيما بين البشر أنفسهم، ولترسيخ التسلسل الهرمي الاجتماعي. (4) تناول الطعام كموضوع في أعمال هوميروس
أثرت ملاحم هوميروس تأثيرا كبيرا في الأعمال الأدبية التي ظهرت بعد ذلك. يقدم أثينايوس مثالا لافتا للغاية؛ فهو يسوق لنا تعليقات أفلاطون وبعض الشعراء الهزليين الذين عاشوا في القرن الرابع قبل الميلاد عن خلو أعمال هوميروس من ذكر الأسماك. وتناقش الشخصيات الواردة في كتابه العادات المذكورة في أعمال هوميروس بشيء من الاستفاضة؛ بداية في الجزء الأول من كتابه «مأدبة الحكماء» الذي لم يصل إلينا للأسف إلا في صورة موجزة تعرف بالملخص. ويبدو أنه قد ثار خلاف علمي حول درجة الترف التي كان يعرضها هوميروس في الملاحم؛ إذ قيل إن هدفه الأساسي كان الترويج لحياة قائمة على البساطة في عادات تناول الطعام وعلى الاستقامة الأخلاقية. وذكرت ادعاءات غير عادية عن أهمية الأسماك والخضراوات. يقول أحد المشاركين في المأدبة:
كانت تقدم أيضا الخضراوات للأبطال في المآدب، ومن الواضح أن لديهم دراية عن زراعة الخضراوات من كلمات مثل: «بجوار أبعد صف من أحواض الحديقة المزروعة بأناقة.» فضلا عن ذلك كانوا يأكلون البصل أيضا، مع أنه يمتلئ بالعصارات غير الصحية.
نظرا لأن هذا هو الجزء الملخص من كتاب أثينايوس ، فإننا لا نعرف هوية هذا المتحدث المشارك في المأدبة، ولا نعرف ما إذا كان هو نفسه الذي يقول بعد ذلك بقليل:
ولكن الشاعر لا يتحدث عن أكل الخضراوات والأسماك والطيور لأن ذلك علامة على الجشع، وأيضا لأنه من غير اللائق للأبطال أن يمضوا وقتهم في تحضيرها للأكل.
ومع ذلك، من المحتمل أن يكون هذا الكلام نسخة موجزة من مناظرة تدور حول دور الطعام في أعمال هوميروس، استقاها المتحدثون من المصادر العلمية التي ربما تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد. وكان المتحدثون يعبرون أيضا عن الأمور التي كانت تشغل الناس في عصرهم في القرن الثاني الميلادي. وفي هذه المرحلة، كان هوميروس هو معيار الحكم في الشئون الأدبية والأخلاقية والمتخصصة؛ فحتى الخضراوات كان من الممكن البحث عن معلومات عنها في النص المبجل: هل تصنف على أنها مكملات غذائية (وليست مكونات غذائية أساسية)؛ أو هل هي أقل شأنا من أن تستحق الاهتمام؟ هل النباتات الخضراء مهمة، أم فقط الخضراوات المخصصة للأكل؟
وعلى المنوال نفسه، فيما بعد - في الجزء الخامس - تؤخذ أعمال هوميروس بصفتها النموذج المستحسن بخصوص جلسة الشراب، وذلك في مقابل النماذج التي قدمها الفيلسوفان أفلاطون وإبيقور، مع أن عادة الاتكاء عند تناول الطعام لم تكن قد انتشرت بعد. ويفهم أيضا أن كبح الإسراف هو الهدف الأساسي الذي يسعى إليه هوميروس. وينجح أثينايوس في هذه الفقرات في الحفاظ على شيء من الخلاف القديم الذي دار حول هوميروس في المكتبات الهلنستية، ويتخذ من القصائد أيضا نموذجا لعصره هو. وفي هذا الكتاب، يتناول العلماء الطعام في منزل لارينسيس الوالي الروماني الثري فيما يبدو، ويتحدثون عن المناهج اللائقة وعن مستويات الفخامة المسموح بها. ومن الواضح أنهم لا يتبعون التوصيات الداعية إلى التمسك بالبساطة التي يدعون أن هوميروس كان يتبعها. ويسبق الحديث المتعلق بجلسة الشراب في الجزء الخامس أيضا الأوصاف التفصيلية للولائم العامة التي كان يقيمها الملوك في العصر الهلنستي. إذن، فمن الممكن فهم التفسيرات المتعلقة بهوميروس على أنها انتقادات ساخرة لعادات تناول الطعام التي ظهرت لاحقا ، وللعلماء أنفسهم الذين حضروا المأدبة؛ نظرا للفخامة الواضحة التي يتسم بها طعامهم (خصوصا الأسماك الواردة في الجزء السادس).
وسواء كان التفسير الساخر هو الأفضل أم لا، فإن أثينايوس يقدم دليلا لافتا على قراءة أعمال هوميروس في القرون اللاحقة. وبخصوص الاهتمام بأعمال هوميروس في أوقات تناول الطعام، يمكن مقارنة استخدام أفلاطون لمينيلاوس بصفته أفضل رجل حضر الوليمة في كتاب «حوار المأدبة». ويفترض أفلاطون أيضا وجود علاقة جنسية مثلية بين باتروكلوس وأخيليس في كتابه «حوار المأدبة». ومن بين مظاهر الاهتمام بأعمال هوميروس في أوقات لاحقة وصول السمراء الهزليين المعروفين باسم «هوميريستاي» إلى مأدبة عشاء تريمالكيو في نص بيترونيوس، ولوحة الفسيفساء التي تصور عوليس وجنيات البحر الموضحة في الشكل الوارد في بداية هذا الفصل. إن تتبع أعمال هوميروس عبر مساحات زمنية وثقافية شاسعة، وصولا إلى كتاب أثينايوس القائم على التوليف الثقافي، يتيح لنا أن نرى كيف أن نصا يعتمد على النظام الثقافي والتعليمي الإغريقي الروماني استخدم وأعيد استخدامه للتعبير عن الهموم المعاصرة. وتأتي مناقشة مثمرة لهذا الموضوع في ديفيدسون (1997).
إن تفسيرات أعمال هوميروس التي يناقشها العلماء المشاركون في المأدبة فيما بينهم تكشف عن معلومات مفيدة؛ فبعض هذه التفسيرات تفسيرات قيمة أو خاطئة، والبعض الآخر يقدم ادعاءات يصعب إثباتها. يستعمل هوميروس تعبيرا جامعا غير مانع وهو «كل أنواع الطيبات» («الأوديسا» 4، 55 و7، 176) التي كثيرا ما تقدم في مناسبات تناول الطعام. وليس من الواضح تماما إن كانت هذه الطيبات تشمل الأسماك والفواكه أم لا، ولكن الواقع هو أن هوميروس كان يتبع مناهج معينة؛ ففي أعماله يقل الحديث عن الأكل بعكس الحديث عن تحضير الطعام - وخصوصا اللحوم - وبعكس الحديث عن احتساء الخمور بعد ذلك؛ ومن ثم، يبدو أن هوميروس يضع المعايير التي تسود في الكثير من الكتابات الأدبية التي تتناول جلسات الشراب، وهي المعايير التي كثيرا ما يرجع إليها لمعرفة معلومات عن مناسبة المأدبة/جلسة الشراب، ولكن القسم المخصص لجلسة الشراب التي يقدم فيها الشعر والغناء هو القسم الذي يحظى بالاهتمام، وذلك فيما يخص الأدب على أقل تقدير.
Página desconocida