La comida en el mundo antiguo
الطعام في العالم القديم
Géneros
سعى الإغريق القدماء إلى تقبل حقبتي الحضارة المينوية وحضارة مايسيني في أقدم الكتابات التي وصلت إلينا من العصور القديمة، وهي «الإلياذة» و«الأوديسا». وللطعام دور بارز في كليهما. تقدم هاتان الملحمتان مزيجا مركبا من عناصر مأخوذة من حضارة مايسيني والحضارات التي أعقبتها؛ وذلك نظرا لصياغتهما بأسلوب شفاهي طويل يتطور تدريجيا. يشتمل شعر هوميروس على عدة سمات مهمة بخصوص تاريخ الطعام، وذلك بالإضافة إلى رحلات أوديسيوس. (3-1) العلاقة التبادلية: الآلهة والبشر
في ملحمة «الإلياذة» نجد أن معظم العلاقات التي تجري فيما بين الشخصيات البشرية وبين الأبطال والآلهة ترتبط بذبح الماشية وأكلها. ويأتي وصف المآدب بإيجاز شديد، ولكن يقدم وصف تفصيلي لتحضير الحيوان وغيره من الأنشطة الشعائرية. وقبول إنسان للطعام أو قبول إله لقربان هو علامة على علاقة ناجحة؛ وينبئ رفض المشاركة في الطعام أو رفض قبول القربان عن صدع في العلاقة (كثيرا ما يكون فادحا). ويقوم تناول الطعام في ملحمة «الأوديسا » أيضا على هذا النمط التبادلي على المستوى البشري، وفي العلاقات بين البشر والآلهة. ويهمل المتقدمون لطلب يد بينيلوبي - على وجه التحديد - في رد المآدب؛ فمن بين مآخذ أخرى، يسيئون التصرف حين يأكلون من ثروة أوديسيوس - وتمثلها الماشية والخنازير - دون تبادل للثروة بتقديم حسن الضيافة لتيليماكوس وأفراد أسرة أوديسيوس. (3-2) عالم البشر وعالم الطبيعة
في فقرة بارزة من ملحمة «الأوديسا»، نجد أن دور الملك يتحدد بناء على إنتاج الطعام: «الملك الشريف يخشى الآلهة ويحكم مملكة قوية سكانها ذوو أخلاق رفيعة، ويدافع عن العدل، وفي ظل حكمه تنتج الأرض السمراء القمح والشعير، وتصير الأشجار مثقلة بالثمار، ولا تكف الأغنام عن ولادة الصغار أبدا، ويزخر البحر بالأسماك؛ كل هذا بفضل حكمه الصالح؛ ولذلك يزدهر شعبه بفضله» (19، 109-114، ترجمه إلى الإنجليزية: شورينج). وفي هذه الفقرة، يقارن أوديسيوس المتنكر سمعة ذلك الملك بسمعة بينيلوبي؛ فهو يرى أن الملك لا يدافع فقط عن النظام الزراعي، بل أيضا عن النظام الطبيعي الأشمل، بما يشتمل عليه من نباتات وحيوانات وأسماك تزدهر في مملكة تبجل الآلهة أيضا، ويعيش فيها شعب ناجح لا تقهره الصعاب ويسترد عافيته بسهولة. (3-3) الاحتياج البشري
ونجد أيضا هذا السياق الواسع الذي يرد فيه ذكر الطعام في الكلام الذي يوجهه أوديسيوس إلى يومايوس (17، 286-289): «لا يستطيع الإنسان إغفال شهوات البطن البغيضة؛ مما يجلب الكثير من المتاعب ويدفعنا إلى تسيير السفن لتعبر البحار، ويدفعنا إلى مناوشة أعدائنا» (ترجمه إلى الإنجليزية: شورينج). والبشر ليسوا كائنات شبيهة بالآلهة؛ فهم دائما في حاجة إلى القوت؛ ومن ثم تتحكم فيهم بطونهم (وهي فكرة رئيسية تعتمد عليها مناقشة فيرنان لأسطورة بروميثيوس التي ناقشتها في الفصل الأول). ولا يمكن تلبية تلك الحاجة دائما (إذ حدثت مجاعات مزمنة في بلدان العالم القديم)، وكذلك - على حد تعبير أوديسيوس، وعلى حد تعبير أفلاطون بعد ذلك (راجع الفصل السابع) - يؤدي عدم توفير الطعام إلى انطلاق حملات حربية بالسفن. ويفيد بعض الروايات أن أزمات نقص الطعام دفعت بعض المجتمعات القديمة إلى إنشاء مستعمرات تقع ما وراء البحار. وكثيرا ما كانت أزمات نقص الطعام التي أصابت المدن القديمة مصدرا للاضطراب وعدم الاستقرار.
ويتعرض أوديسيوس ورفاقه في رحلتهم لأزمات نقص الطعام الواردة في أعمال هوميروس، ويتعرض لها أيضا الشحاذون في قصور الأغنياء. في إيثاكا لا يبدي المتقدمون لطلب يد بينيلوبي أي احترام للشحاذين - وخصوصا لأوديسيوس المتنكر في هيئة شحاذ - مثلما لا يبدون أي احترام لثروة أوديسيوس؛ فمن المسموح للشحاذين استجداء الطعام وذلك بحماية زيوس، ولكن بعض الخطاب لا يبدون أي احترام لهم ويعترضون في رياء على منح طعام لشحاذ، مع أنهم لا يقدمون شيئا من مالهم؛ ومن ثم، فإن ملحمة «الأوديسا» تتناول كل أحوال الرجال والنساء والآلهة. وتتناول هذه الملحمة - بتركيز أكبر مما في «الإلياذة» - راعي الخنازير وإنتاج الحيوانات والشحاذ وكل قليلي الشأن الذين يحضرون الوليمة والصراع على الطعام الذي يشتعل بين من يسميهم بعض البريطانيين الفقراء المستحقين والفقراء غير المستحقين. ويعرض هوميروس هذا الصراع في الكلام المتبادل بين أوديسيوس المتنكر والشحاذ أيروس، ويحظى هؤلاء المشتغلون في إنتاج الطعام والأشخاص الذين لا يحق لهم الحصول على نصيب متساو من الوليمة؛ بظهور لافت في ملحمة «الأوديسا»، وقد ظهروا أكثر من مرة في هذا الكتاب، بصفتهم أولا جزءا من «الذين لا ينتمون إلى الطبقة العليا»؛ أي ما يتراوح بين90 و95 في المائة من السكان، وظهروا أيضا بصفتهم تلك الفئة السكانية المفضلة في الأدب، وهي الشخص المتطفل في المأدبة الإغريقية والتابع في المأدبة الرومانية، وهو الموضوع الذي تناولته في الفصل الثاني. (3-4) الطب والأطعمة الخاصة
في الجزء الحادي عشر من ملحمة «الإلياذة»، يقدم للمحاربين المصابين والمجهدين مشروب مقو - أو كيكيون - مكون من نبيذ وجبن وجريش شعير وعسل وبصل. ويظهر اهتمام أيضا في الأجزاء التالية من ملحمة «الإلياذة»، بأن أخيليس - في أوج حماسه للانتقام لمقتل باتروكلوس - يرفض الاهتمام باحتياجات جنوده للطعام قبل القتال، وينم رفض أخيليس للأكل عن اختلال حالته العقلية. وتذكر أيضا العقاقير في عقار هيلين المهدئ الذي يضاف إلى النبيذ، وفي جذر عشب «مولي» الذي يقدم إلى أوديسيوس ليقاوم سحر سيرسي. (3-5) الخواص الإغريقية وغير الإغريقية
تحدثت فيما سبق عن الأطعمة الغريبة التي صادفها أوديسيوس ورفاقه خلال جولاتهم في أنحاء المحيط؛ فليس من بينها تقريبا ما يشبه أغذيتهم الأساسية مثل الحبوب والنبيذ وزيت الزيتون، وليس من بينها طريقتهم المميزة لتقديم قرابين من الحيوانات؛ وهذا النمط الغذائي يتخذ مسارا ينحرف تارة نحو طعام الآلهة، وتارة أخرى نحو طعام الحيوانات، كما سنرى. (3-6) أوصاف تفصيلية
كثيرا ما تحتوي أعمال هوميروس على وصف تفصيلي لعمليات معينة، وهذا ينطبق تحديدا على ذبح الحيوانات وتحضير اللحم للأكل، وكثيرا ما يشار بإيجاز إلى كل الطعام المقدم في أوقات تناول الطعام بأنه «أطعمة من كل الأنواع» (وهو ما لا يشير إلى الغذاء المحدود الذي فسره بعض المصادر التي جاءت لاحقا)، وكثيرا ما يشمل الوصف قطع الأثاث وأدوات المائدة وخصوصا أقداح الشراب. (3-7) أوقات الطعام
تقدم ملحمتا «الإلياذة» و«الأوديسا» نماذج لمشاركة الآخرين في مائدة واحدة تعبر عن المجتمع الإغريقي في حقبة مبكرة، وأثرت أيضا في الفكر الذي ظهر فيما بعد. سنرى فيما سيأتي انتقاد النماذج التي وردت في أعمال هوميروس وتطبيقها في عصور لاحقة. وتستخدم أشعار هوميروس أوقات تناول الطعام لتكون محور العلاقات على المستويين البشري والإلهي، وتحين أوقات تناول الطعام يوميا وفي مناسبات خاصة في ملحمة «الأوديسا» (في حفل زفاف في الجزء الرابع، وأوقات تناول الطعام اليومية التي يحضرها الخطاب في أجزاء تالية). وفي ملحمة «الإلياذة» تتخلل أوقات تناول الطعام مشاهد المعارك، وعادة ما تأتي أوقات تناول الطعام بعد وصف لأحد طقوس تقديم القرابين، وكثيرا ما تعقبها جلسة لاحتساء الخمور وعزف الموسيقى، يتناول فيها المشاركون النبيذ الممزوج بالماء. وهذه الجلسة صورة مبكرة من جلسة الشراب، التي يرتدي فيها المشاركون الأكاليل، وتتميز بمزج النبيذ بالماء، وإنشاد الأغاني وإلقاء الشعر، ولكن المشاركين فيها يجلسون ولا يتكئون.
ويأتي رفض الآلهة لقبول قربان ما، أو رفض شخص ما للمشاركة في مناسبة لتناول الطعام؛ بمنزلة خرق فادح للنظام الاجتماعي والديني. تصور ملحمة «الإلياذة» - في الجزء التاسع والجزء الرابع والعشرين - مناسبات لتناول الطعام تسير على ما يرام في مواقف صعبة. يتناول الناس الطعام في إطار نظام التواصل الأرستقراطي المعروف باسم «زينيا»، وهو نظام يرحب بالغرباء من خلال السماح لهم بالاستحمام وتقديم الطعام إليهم قبل أن يطلب منهم تعريف أنفسهم. وإذا كانوا معروفين لمضيفهم ، فإن الطعام يقدم إليهم بصفة تبادلية مقابل مآدب سابقة أو اجتماعات متوقعة في المستقبل.
Página desconocida