La comida en el mundo antiguo
الطعام في العالم القديم
Géneros
وحظيت تجارة التوابل الرومانية بدراسة باهرة أنجزها ميلر (1969)، وقدم دالبي (2000، 2003) تعليقات مفيدة عنها. وكانت التوابل تتراوح بين توابل محلية مثل الريحان والنعناع، وتوابل مستوردة مثل الكمون الوارد من بلدان جنوب البحر المتوسط، وكانت العطور والتوابل تأتي من شبه الجزيرة العربية وأفريقيا والهند وجزر التوابل. وكلما زادت المسافة التي تنقل عبرها التوابل، زاد إقبال المستهلك الروماني الغني عليها. وكما رأينا، استخدم الإغريق البخور وصمغ المر منذ القدم، ويأتي ذكر الفلفل لأول مرة في كتابات أبقراط. ويبدو أن الواردات قد تطورت تطورا سريعا بعد عهد الإسكندر الأكبر وصولا إلى عصر الإمبراطورية الرومانية، وبحلول زمن صدور كتاب الطهي الذي ألفه أبيكيوس، أصبح من المتوقع ظهور مجموعة متنوعة من التوابل الإيطالية والأجنبية في الكثير من الوصفات. ويظهر الفلفل في أكثر من نصف الوصفات.
ولا يستند بحث بلينوس فقط إلى القصص التي تتناول شخصيات شهيرة؛ إذ قرأ كتبا لعلماء النبات الإغريق والكتاب الرومان المتخصصين في مجال الزراعة؛ ومن ثم، فإن وجهة النظر الأخلاقية المتقشفة، القائلة بأن السلاطة مفيدة لأنها لا تتطلب أي شكل من أشكال الطهي، يجب أن تدعمها أسئلة عن التنوع والتوافر المحلي والطعم والخواص الغذائية.
مقدمة الفصل الخامس
حتى وقت قريب، كانت كل اللحوم متوافرة بصفة موسمية، وكانت أسعارها مرتفعة، وأدت التغيرات الحديثة التي طرأت على تربية الدواجن والماشية إلى انخفاض أسعارها وتوافرها بصفة يومية، وذلك على الأقل في البلدان المتقدمة. ولكن، مسألة إن كان انخفاض أسعار اللحوم وتوافرها مظهرا من مظاهر التقدم أم لا، أمر محل جدل بالطبع، ويتناول سكان المدن العاديون لحم الأضلاع والبرجر دون الاضطرار لمواجهة فكرة أن ما يتناولونه كان حيا من قبل؛ فمثل تلك الحساسية المفرطة كانت ستبدو ظاهرة دخيلة في عصرنا الحالي؛ ولذلك فإن أفكارا مثل شعائر تقديم القرابين من الحيوانات وتحضيرها ربما تبدو همجية نوعا ما في مجتمعنا الشديد الحساسية. ولكن، كان القدماء في الواقع على العكس من ذلك؛ إذ كانوا يحترمون الحيوانات والنظام الاجتماعي والآلهة. ولا شك أن من يواجهون واقع ذبح الحيوانات وتكلفة تربية الماشية وإطعامها سيكونون أقل ميلا لإهدار اللحم. قال المفكر الصيني لين يوتانغ إنه إذا ذبحت دجاجة ثم طهيت على نحو سيئ، فستكون تلك الدجاجة قد ماتت سدى، وهي فكرة وجيهة تليق بعصرنا الذي ظهرت فيه أصابع كفتة السمك وقطع الدجاج المقلية، وكانت ستكون هذه الفكرة واضحة في أي عصر آخر.
فقد يؤدي التفكير في توافر أصناف اللحم المتوافرة حاليا في عصرنا إلى تعقيد الأمر بدلا من إيضاحه؛ فنحن لم نعد نستخدم الثيران لحمل الأحمال؛ ومن ثم فإن السلالات التي تربى في المزارع حاليا مخصصة فقط للاستفادة من لحومها وألبانها، وتتميز بقدر أكبر من الاستكانة وتسهل السيطرة عليها. وصار معروفا الآن أن الدهون المأخوذة من لحوم الخنازير والأبقار مليئة بالكوليسترول إلى حد خطير، مع أنها كانت تحظى بتقدير كبير بوصفها مصادر للنكهة والتغذية. ولا نزال نأكل هذه الدهون بالطبع، ولكن في صورة مقنعة ضمن كميات كبيرة من النشا، كما في النقانق أو في المعجنات مثل الفطائر المحشوة وحلوى البودنج.
ففكرة السمك بوصفه الطبق الأساسي في مأدبة فاخرة، من شأنها أن تحظى بإقبال في إسبانيا وإيطاليا، ولكن ليس في أوروبا الشمالية حيث من المستبعد أن تحل محل قطعة كبيرة من اللحم أو الدجاج. ويرتبط هذا جزئيا بالحجم والشكل؛ فربما تتسم سمكة كبيرة مثل السلمون أو القاروس بشيء من «جمال المظهر»، ولكنها تفتقر إلى التأثير الذي تحدثه قطعة لحم كبيرة - أو من الأفضل حيوان كامل - مشوية خصوصا لهذه المناسبة؛ فمن غير الوارد أن يكون لحم الأسماك الطري خيارا مرضيا مثل اللحم الأحمر المشوي، وليست له أيضا أي دلالات من التي تربط اللحم الأحمر بالرجولة والشئون العسكرية .
مع ذلك، كان السمك هو البروتين المفضل؛ ومن ثم فإنه فعلا موضوع تتحكم فيه العوامل الثقافية والعملية أيضا. لطالما ظلت بريطانيا محاطة بمجموعة من أفضل المصايد السمكية في العالم، ولكن ظل تناول الأسماك بديلا لتناول اللحم في أيام الصيام أو كطعام للفقراء، ولم يحظ تناول الأسماك بالمكانة التي حصل عليها في بلدان البحر المتوسط. ومن الوارد أن هذا يرتبط بمناخ أوروبا الرطب البارد، ولكن الاحتمال الأقرب هو أن النظام الغذائي في أوروبا ينبع من نمط الذوق الساكسوني والجرماني، الذي كان يعتمد على اللحم والجعة ومنتجات الألبان بدلا من النظام الغذائي القائم على الحبوب وزيت الزيتون الذي حل محله - في بريطانيا على الأقل - حين تفككت الإمبراطورية الرومانية.
لا تعتبر التفضيلات الغذائية المشتركة أمرا غير معتاد، وهي جزء من الأسباب التي تعزز الروابط والصلات بين الناس. فضلا عن ذلك، نجد الأطعمة المحرمة والأحكام المرتبطة بتقنين الغذاء التي هي السمة المميزة للجماعات العرقية المعزولة والمستضعفة مثل اليهود. ظاهريا، يعتقد أن هذه الأطعمة المحرمة والأحكام المرتبطة بتقنين الغذاء جزء من نظام ما للصحة العامة والنظافة، ولكنه أمر لا يمكن التحقق منه بأية حال. فلماذا يفترض أن لحم الخنزير المدخن أخطر من لحم الدجاج؟ من المرجح أن التأثيرات التاريخية والثقافية قد اجتمعت لتقدم أسلوبا متفقا عليه في تناول الطعام، وهو أسلوب يتضامن مع المعتقدات والمبادئ الأخرى للدولة.
الفصل الخامس
اللحوم والأسماك
Página desconocida