La comida en el mundo antiguo
الطعام في العالم القديم
Géneros
في الثقافة الإغريقية والرومانية لم يكن طعام الأغنياء مختلفا تماما عن طعام الفقراء، كما هي الحال في عدد من الثقافات الأخرى. وفي الواقع، كانت بعض الواردات القادمة إلى الإمبراطورية الرومانية غالبا ما تقتصر على الأغنياء، مثل التوابل الهندية والطيور المجلوبة من بلدان بعيدة والأسماك المرتفعة الثمن. لكن كان لدى الفقراء توابل محلية مثل الزعتر والكزبرة، وطيور محلية مثل طيور السمان والشحارير، وأسماك المياه الضحلة مثل السردين والأنشوفة. وتقدم قصيدة أركستراتوس مرة أخرى مثالا لافتا على تناول الأغنياء أصنافا فاخرة من الطعام تفوق أطعمة الفقراء؛ ففي الشذرة 5 الواردة في أولسون وسينس (2000)، يتحدث أركستراتوس عن موضوع الخبز بقوله:
يوجد أفضل وأفخر نوع يمكن الحصول عليه على الإطلاق في جزيرة ليسبوس، في حضن قرية إريسوس الشهيرة التي تحفها الأمواج، ويكون منخولا من الشعير ذي الحبوب السليمة. وهو أشد بياضا من الثلج المتساقط من السماء؛ وإذا كانت الآلهة تأكل جريش الشعير، فلا بد أن تأتي هيرميس وتشتريه لهم من هنا. (ترجمه إلى الإنجليزية: ويلكنز)
يذكر القمح في موضع لاحق في الشذرة، ولكن جالينوس وكثيرا من النصوص القديمة يصرحان بأن الشعير أقل شأنا بكثير من القمح؛ والسبب في ذلك يرجع أساسا إلى كونه لا يحتوي على الجلوتين اللازم لإعداد الخبز الجيد. في اليونان في القرن الرابع، لم يكن الأغنياء يستحثون فحسب على تناول النوع الفاخر من الحبوب - وهو القمح - الذي لم يكن الفقراء يستطيعون شراءه، بل كان بإمكانهم أيضا اختيار الشعير الذي كان الفقراء يستمتعون بتناوله في أنواع الهرائس والعصائد والكعكات المسطحة، ولكن الأغنياء كانوا يستمتعون بتناوله لنكهته، على أن يكون نوعا راقيا ومرتفع الثمن للغاية. لم يكن الأغنياء بالتأكيد يرغبون في تجنب منتجات الحبوب، كما يتضح من مآدب كارانيوس وفيلوزينوس وماترو، ولا يعني هذا أنهم لم يرغبوا في تناول نوع فاخر لم يكن الفقراء يطمحون إليه. سنناقش الحبوب باستفاضة في الفصل الرابع (للقراءة عن مآدب فيلوزينوس وماترو، راجع: دالبي 1987، وويلكنز 2000، وأولسون وسينس 1998).
يقدم لنا السيلفيوم المستورد مثالا ثانيا لتناول الأغنياء للنكهات نفسها التي يتناولها الفقراء. ينتقد أركستراتوس (الشذرة 46، 14) الطهاة الذين يستعملون السيلفيوم والجبن لإضفاء نكهة على الأسماك المرتفعة الثمن. أما المواطن الفقير، فكان يستعمل رأس ثوم لإضفاء نكهة على السردين (أريستوفان، مسرحية «الدبابير» 679). (للقراءة عن نكهات الأطعمة الإغريقية الرومانية، راجع مقدمة الفصل الأول، وويلكنز وهيل 1992.)
حدد أركستراتوس الخضراوات والحمص والفول والتفاح والتين على أنها من علامات الفقر، وهذه صيغة مغالى فيها بعض الشيء. ولكن نجد أثرا ما لهذا في شذرة مأخوذة من مسرحية «المرأة الأولينثية» للشاعر الهزلي ألكسيس من القرن الرابع (167):
زوجي فقير، وأنا امرأة عجوز، ولدينا ابنة واحدة وابن آخر وهذه الفتاة الطيبة ها هنا؛ أي إننا جميعا خمسة أفراد؛ فإذا تناول ثلاثة منا العشاء، يضطر الاثنان الآخران أن يتقاسما معهم كعكة شعير صغيرة، ونظل ننتحب كلما لم نجد شيئا نأكله. تشحب بشرتنا حين لا نجد طعاما. إن كل ما نعتمد عليه من طعام في حياتنا هو: الفول الأخضر ، وحبات الترمس، وبعض أوراق الخضراوات ... وثمرة لفت، وبعض البقول، ونبات البيقة، وثمرة بلوط، وبصلة الزيز، وحشرة زيز الحصاد، وحبة حمص، وثمرة كمثرى برية، والنبات الرباني - وأقصد بذلك ثمرة تين مجففة، وهي استنبات لشجرة تين في منطقة فيرجيا. (ترجمه إلى الإنجليزية: ويلكنز)
قلما يظهر فقراء في المسرحيات الكوميدية، مع أن طعام الفقراء أحيانا ما يشار إليه عرضا، مثل نبات الخبيزة في مسرحية «الثروة» لأريستوفان، على سبيل المثال (راجع الفصل الرابع). ولكن في تلك الفقرة، نجد تذكيرا قاطعا بأن طعام الفقراء محل مناقشة، وليس ما قد يتوقعه المواطن الفقير.
مع ذلك، يتفق ألكسيس في الرأي هنا مع ما قاله أركستراتوس فيما يخص الحمص والتين. ولنا أن نلاحظ أن الأسرة الفقيرة لا تستهلك اللحوم أو الأسماك، ولديها كميات كبيرة من الحبوب والبقول - وهي من الأطعمة المغذية في العصر الحديث - لكنها تخلو من عنصر المنزلة الاجتماعية الذي يتوافر لجيرانها الأكثر غنى ممن قد يستطيعون شراء الأسماك الصغيرة وشيء من اللحم. يتناول أفراد الأسرة الأشد جوعا (ويلاحظ أن توزيع الطعام يخلو من التقسيم بحسب النوع) كعكة الشعير أو «المزا» بصفتها الغذاء الأساسي بكميات قليلة، أما الثلاثة الآخرون فيحصلون على غذاء أكثر تنوعا. ويتفق ما جاء في المسرحية مع الوصفات الطبية التي قدمها جالينوس بعد ذلك بستة قرون - وذلك فيما يتعلق بتناول الخضراوات والبقول - وأيضا بما في ذلك ثمرة البلوط والجرادة أو حشرة زيز الحصاد؛ فالبقول مثل الحمص والبيقة وغيرها من أنواع البيقة المعروفة ب «أكروس» هي جزء من النظام الغذائي العادي من وجهة نظر جالينوس، أما ثمار البلوط فليست جزءا من هذا النظام الغذائي؛ فثمار البلوط، مثل نبات البيقة المر، تستخدم كطعام للحيوانات. ويقول جالينوس إن ثمار البلوط تندرج تحت فئة أطعمة المجاعات (2، 38): «ذات مرة اجتاحت المجاعة أرضنا، وكانت لدينا وفرة من محاصيل ثمار الزان والمشملة، فبدأ الريفيون يستخدمونها بدلا من الحبوب؛ إذ كانوا قد خزنوها في حفر طوال فصل الشتاء وحتى أوائل الربيع. وقبل ذلك، كانت الثمار من هذا النوع تستخدم كطعام للخنازير، ولكنهم هذه المرة كفوا عن تربية الخنازير في الشتاء كما كانوا معتادين من قبل. وفي بداية الشتاء كانوا يذبحون الخنازير أولا ثم يأكلونها؛ وبعد ذلك كانوا يفتحون الحفر ويخرجون منها الثمار، ثم يحضرونها بطرق تحضير متنوعة ثم يأكلونها» (ترجمه إلى الإنجليزية: باول). وتأتي مناقشة أكثر استفاضة عن هذه الفقرة في الفصل الرابع.
كان أكل ثمار البلوط من التدابير التي تتخذ في حالات الطوارئ، وفقا لما استعرضه ماسون 1995 وآخرون في مناقشاتهم، وكانت ثمار البلوط تأتي في آخر قائمة أطعمة الطوارئ مقارنة ببعض أنواع الجوز الأخرى، مثل ثمار الكستناء التي كانت مستخدمة على نطاق واسع في أوروبا، ويرد ذكرها في الفصلين الأول والرابع. وفي هذا الصدد، اضطرت العائلة التي تشارك في أحداث مسرحية ألكسيس لتناول طعام الحيوانات. وتعد حشرة زيز الحصاد من العناصر اللافتة للاهتمام أيضا، وتوجد أدلة على أن حشرات زيز الحصاد والجراد كانت تؤكل في اليونان؛ إذ يذكرها أريستوفان في إحدى الشذرات (الشذرة 53)، ويشير في مسرحيته «الأخارانيون» إلى قوامها المقرمش. ومثل هذه الإشارات نادرة، مع أن أرسطو يلاحظ - متأثرا بطريقة جالينوس بعض الشيء - عادة الريفيين في اصطيادها لأغراض الأكل. ويبدو من الوارد أن الجراد كان يؤكل، ولكن لم يكن ينظر إليه على أنه من الأكلات الشهية؛ فكان على هامش النظام الغذائي مثل أكلات أخرى يتناولها الفقراء. من الممكن أن نقارن بين الأطعمة التي كان الإنسان يتقاسمها مع الحيوانات، مع أنه ينبغي أن نأخذ في حسباننا وجود قدر كبير من التداخل بين أطعمة الإنسان وأطعمة الحيوان. لاحظ أن الطعام الأساسي الإغريقي المؤلف من الشعير كان يعتبره الرومان وجالينوس طعاما للحيوانات. ومن الأطعمة الشبيهة أيضا الحلازين والخضراوات البرية، التي ما زال الإغريق يأكلونها، والتي كان يأكلها الناس من كل الطبقات في العصور القديمة. ولا يذكر جالينوس فعليا حشرات زيز الحصاد أو الجراد، ويرفض يرقان الخشب وغيرها من الحشرات التي كان يأكلها المصريون، ولكن امتناعه عن الحديث عن الجراد قد يدل على عدم أهمية الجراد في النظام الغذائي ، أو على عدم ملاحظته للجراد، أو عدم اهتمام من جانبه.
تنبثق بوضوح من مناقشة جالينوس للنظام الغذائي سلسلة هرمية من الأطعمة، بدءا من أرقى الأطعمة التي تتناولها الطبقات الراقية في الحضر، ووصولا إلى الأطعمة المخصصة عادة للحيوانات، والتي كان الفقراء يضطرون لأكلها عند أزمات نقص الطعام. وفيما بين هذين الحدين، كان هناك قدر كبير من التفاوت؛ يقول جالينوس إن الإغريق جميعهم يأكلون الحلازين يوميا، والسياق عبارة عن مقارنة بين المصريين الذين يأكلون ديدان الخشب والثعابين والزواحف. ويبدو أن جالينوس يعكف هنا على مناقشة المعادل الإغريقي للأكلات غير المألوفة في النظام الغذائي، لكن من الواضح أنه يعكف أيضا على مناقشة إحدى الأكلات العصية على التصنيف، ويقول إنه ليس كائنا مجنحا ولا مائيا، ومن غير الواضح أيضا إن كان من الكائنات التي تعيش على اليابسة. ومن الممكن أن نفهم هذا التصريح الاستثنائي المتعلق بجميع الإغريق على أن المقصود به هو أن الحلزون كان من الأغذية الأساسية للسواد الأعظم من الشعب الإغريقي. توحي الأدلة الأثرية المتعلقة بالرخويات - سواء أكانت البرية أم البحرية - بأنها كانت تؤكل أيضا في القصور (كارالي 2000). ومن الممكن أن نفترض بثقة أن الرخويات كان يأكلها الناس من جميع الطبقات، كما هي الحال بخصوص الشعير. كانت الرخويات - بحسب وصف ريتشارد مايبي - «طعاما مجانيا»، ولكن كانت تجمع منها أنواع مميزة وتقدم للأغنياء. يحتفظ أثينايوس بقصة تحكي عن ارتحال أبيكيوس إلى ليبيا بحرا لتجربة الجمبري الموجود هناك، ليكتشف في آخر الأمر أن الجمبري الموجود في موطنه مينتورناي كان أفضل. وتقدم بيشنس جراي (1986) شهادة لافتة عن الحلازين وعن النظام الغذائي للفقراء عموما في أماكن مختلفة من البلدان المطلة على البحر المتوسط في العصر الحديث.
Página desconocida