Sudán Egipcio
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Géneros
هوامش
السودان المصري وماذا كان وماذا صار؟
وصف ستيوارت
1
باشا السودان المصري عام 1883 في تقرير قدمه لحكومة إنكلترا - حكومته - قال فيه:
إن البلاد التي يحتلها الآن المصريون ويطلقون عليها اسم «السودان» لهي بلاد كبيرة جدا مترامية الأطراف وطولها من الشمال إلى الجنوب - أي من أسوان إلى خط الاستواء
2 - نحو 24 درجة أو 1650 ميلا، وعرضها من مصوع إلي غربي دارفور نحو 22 درجة أو 1200 ميل إلى 1400 ميل، وإذا ابتدأنا من نقطة برانيس على ساحل البحر الأحمر شرقا على خط موازاة الدرجة 24 إلى نقطة غير معينة في صحراء ليبيا نفترضها الدرجة السابعة والعشرين شرقي غرنويتش، ومن هناك يتجه خط الحدود جنوبا إلى الغرب حتى نقطة الاتصال في شمالي إقليم دارفور إلى الغرب، ثم يتجه باستقامة على وجه التقريب نحو الجنوب إلى الدرجة 11 أو 12، ومن مبوتو يتجه من الجنوب الشرقي إلى بحيرة ألبرت نيانزا ويماس ڨكتوريا نيانزا ويصعد من هناك شمالا إلى الشرق فيشمل إقليم هرر، ثم يصل إلى المحيط الهندي عند رأس غردفوي، ويصير على ساحل البحر الأحمر حتى يرجع إلى برانيس.
وقد طبعت وزارة خارجية إنكلترا هذا التقرير، وألحقت به الخريطة التي وضعها مسداليا في الخرطوم وفيها مديرية خط الاستواء وشمالي الأوغندا ومديرية اللادو والمكلا وبحر الغزال وهي الأراضي المصرية التي أجرتها الحكومة الإنكليزية باتفاق 14 مايو 1894 لولاية الكونغو البلجيكية.
أما حدود السودان المصري الآن فهي: من جهة الشمال الخط 22 من خطوط العرض الشمالي إلى شمالي حلفا ، ومن الجنوب حدود بلاد أوغندا التابعة لإنكلترا على خط 5 من العرض الشمالي، ومن الشرق البحر الأحمر وبلاد الإريترة والحبشة، ومن الغرب والجنوب الغربي الصحراء الكبرى وبلاد واداي والجبال المتوسطة بين نهر الكونغو وبحر الغزال. فالطول الآن من الشمال إلى الجنوب نحو 1200 ميل، ومن الشرق إلى الغرب نحو 1000 ميل؛ لأن مديرية خط الاستواء التي ظل أمين باشا مديرا مصريا فيها ومعه ألفا جندي مصري والعمال والكتاب، اقتطعت من السودان وألحقت بالأوغندا التي كانت تحت حماية مصر، وبعد استعادة السودان جعلوا منجالا آخر حدود السودان المصري، وما بقي من الأراضي السودانية المصرية جنوبا ألحق بأوغندا، وأعطيت اللادو وما حولها لملك بلجيكا على أن تعود للإنكليز بعد وفاته، وبذلك اقتطعوا من السودان المصري 450 ميلا بالطول و400 ميل بالعرض، وأخرجوا منه البحيرات التي ينبع منها النيل وجعلوها ملكا لهم ليملكوا بها السودان ومصر معا، ولم يكفهم ذلك فإن البحر الأحمر وسواحله لازمة لطرق مواصلات الإمبراطورية فأخرجوا المصريين من تلك السواحل بعد أن صار زمام مصر بأيديهم، وهكذا هدموا «الإمبراطورية المصرية» بالسودان وأخذوا أنقاضها واقتسموا مع إيطاليا وبلجيكا الغنيمة.
كانت مساحة السودان المصري في سنة 1883 تعادل مساحة فرنسا وإسپانيا وألمانيا معا، فلم يبق منها الآن سوى الثلث، وهذا الثلث يدعي الإنكليز أنهم أصحابه دون مصر، وكانت تجارة مصر مع السودان تجارة كبيرة جدا، فالصادر من مصر بطريق أسوان وحدها كان مليوني جنيه والصادر من سواكن وقنا وأسيوط يعادل هذا المبلغ، أما واردات السودان إلى مصر وبطريق مصر فقد كانت نحوا من 11 مليون جنيه، أما الآن فإنه لم يبق لمصر من هذا الوارد التجاري والصادر إلا الجزء اليسير الذي لا يكاد يستحق الذكر، ولولا ورود المواشي السودانية في العهد الأخير لوصلت الصلات والعلائق التجارية بين مصر وسودانها إلى حيز العدم رغم زيادة العمران وعدد الأهالي فمبلغ المليون والنصف المحصورة به تجارة مصر والسودان الآن يدلنا على أن مصر لا تخسر بإضاعة السودان مصدر حياتها بل تجارتها ونتاج صناعتها؛ لذلك لم تحتج الحكومة المصرية برئاسة شريف باشا وحدها سنة 1884 على مسعى الإنكليز لإخلاء السودان، بل احتج أيضا على هذا المسعى التجار الوطنيون والأجانب بمذكرة رفعوها إلى الخديوي توفيق باشا ووزيره نوبار باشا ومعتمدي الدول قالوا فيها:
Página desconocida