205

Statements of Al-Tahawi in Interpretation: Al-Fatiha - Al-Tawbah

أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة

Géneros

غير أنا تأملنا ما في كتاب الله من ذكر الحمل والفصال، فوجدنا منه الآية التي قد تلوناها فيما تقدم منا في هذا الباب، ووجدنا منه قول الله ﷿: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ [لقمان:١٤] فجعل الفصال في هذه الآية من المدة عامين. ووجدنا من قوله ﷿: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة:٢٣٣] فكان في هاتين الآيتين الأخيرتين إثبات الحولين للفصال، فاحتمل عندنا - والله أعلم - أن يكون الله ﷿ جعل الحمل والفصال ثلاثين شهرًا لا أكثر منها، على ما في الآية الأولى مما قد يحتمل أن يكون مدة الفصال فيها قد ترجع إلى ستة أشهر، ثم زاد الله ﷿ في مدة الفصال تمام الحولين بالآيتين الأخيرتين، فرد حكم الفصال إلى جهته من الثلاثين شهرًا وعلى تتمة الحولين على ما في الآيتين الأخريين، وبقي مدة الحمل على ما في الآية الأولى، فلم يخرجه من الثلاثين شهرًا، وأخرج مدة الفصال من الثلاثين شهرًا إلى ما أخرجها إليه بالآيتين الأخريين، والله ﷿ أعلم بمراده في ذلك، وبما كان منه فيه. والدليل على صحة ما قد ذكرناه المراعاة بالرضاع حولين، وقد قال ذلك من أصحاب رسول الله ﷺ غير واحد، منهم ابن عباس ﵁ قال أبو جعفر: فهذا ابن عباس قد قصد إلى الرضاع بالحولين، فدل ذلك أنهما له عنده مدة، وأكثر فقهاء الأمصار على ذلك. فكان في ذلك ما قد دل على التأويل الذي تأولناه في الثلاث الآيات التي تلوناها في هذا الباب.

1 / 205