وقد تنبه الصليحي إلى الاتجاهات الجديدة للرياح فأرسل رسالة تحذير إلى الشريف الفاضل من تهامة، فأجاب عليها الفاضل برفض قاس. وفي عام 447ه/ 1055م ثار الشريف الفاضل واحتل صعدة، لكنه سرعان ما انسحب منها إلى بلاد بني صريم عندما وصل إلى علمه زحف الصليحي من تهامة باتجاه صنعاء. وقد عانى الشريف الفاضل هزيمة قاسية أمام الصليحيين بقراتيل على مقربة من حاز، فتراجع مع أسرته بما في ذلك أخوه ذو الشرفين، وأعوانه، وألفا مقاتل مع أسرهم إلى حصن الهرابة ببلاد وادعة، حيث تحصن وعزم على المقاومة حتى النهاية. وهناك استطاع أن يصمد للحصار الصليحي سبعين يوما (منذ بداية جمادى الأولى وحتى العاشر من رجب 448ه/ من منتصف يوليو حتى 23 أكتوبر 1055م). وتورد السيرة وصفا حيا مؤثرا للقتال الشرس، والمصاعب والمجاعات التي نزلت بالمحاصرين(1). وفي النهاية ضمن لهم الصليحي انسحابا حرا، وصادر أسلحتهم ووزعها على جنده، ولم يحتفظ في يده بغير الشريف. وأرسل الفاضل إلى صنعاء حيث بقي هناك محتجزا زهاء عام ونيف. وقد وضع في البداية تحت حراسة مشددة، لكن عندما تبين للصليحي أن شبهة الائتمار من جانب الشريف للهرب غير صحيحة، سمح له بحرية حركة محدودة. واصطحبه الصليحي معه في المحرم من العام 450ه/ مارس 1058م في حملته على يعفر بن أحمد الكرندي خلال تهامة فالقحمة(1) فزبيد وعرد (؟)(2) طوال تسعة أشهر. وقد أرسل الشريف رسالة إلى والده جعفر من هناك عندما علم بمجيء الأخير إلى اليمن من الحجاز وبلوغه الجبجب لزيارة أسرته، راجيا أن يجيء إلى معسكر الصليحي ليعمل على إطلاق سراحه. وعند وصول جعفر إلى عرد في رمضان 450ه/ أكتوبر - نوفمبر 1058م استسلم الكرندي للصليحي، وسقط الشريف جعفر وابنه الفاضل مريضين، وعاد الجميع إلى صنعاء حيث أمر الصليحي طبيبه الخاص بمعالجة الشريفين. ومات جعفر بن القاسم في ذي الحجة 450ه/ يناير - فبراير 1059م عن عمر يناهز الخمسة والثمانين عاما. فانتهز الصليحي حدث الوفاة ليطلق سراح الشريف الفاضل من أجل تعزية أسرته عن وفاة الوالد، وزوده بما تحتاجه الرحلة، كما أعطاه مخصصا شهريا(3).
Página 15