وعن الحسن البصري رحمه الله تعالى: أدركت سبعين بدريا ما كان لأحدهم ثوبا ثانيا، وطالع كتاب:(الصفوة في حلية الصحابة)(1) تجدهم هنالك وهي [في](2) قمطر علوم إبراهيم الكينعي رحمه الله تعالى. ونظر بعين قلبه إلى ما سمع في الصحاح عن نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من الأحاديث المتواترة الصحيحة، منها قوله:((ما ذئبان ضاريان في زريبة غنم بأسرع فسادا فيها من حب الشرف والمال في دين المرء المسلم))(3) ، وقد حازهما فخاف، واتخذ الجنة والتجفاف، وإلى قو له صلى الله عليه وآله وسلم: ((تكون أمتي في الدنيا على ثلاثة أطباق: أما الطبق الأول: فلا يرغبون في جمع الأموال(1) وادخاره، ولا يسعون في اقتنائه واحتكاره، إنما رضاهم من الدنيا سد جوعه وستر عورة ورضاهم [منها](2) ما بلغ بهم إلى الآخرة، فأولئك الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأما الطبق الثاني: فيحبون جمع المال من أطيب سبله، وصرفه في أحسن وجوهه، يصلون به أرحامهم، ويبرون به إخوانهم، ويواسون به فقراءهم، ويعض أحدهم على الرضف(3) أسهل عليه من أن يكتسب درهما من غير حله، أو أن يضعه في غير وجهه، أو أن يكون خازنا له إلى حين موته، فأولئك الذين إن نوقشوا عذبوا، وإن عفي عنهم سلموا، والطبق الثالث: ظاهر (4))). ونظر إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم رواه الإمام الجرجاني في (سلوة العارفين)، فطالعه من هنالك؛ لأنه أبسط، وبما (5) يكون إليه أبسط لأبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه، أقسى الله صفته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله شمله(6)، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى الله تعالى إلا جعل الله تعالى قلوب المؤمنين تغدوا(7) إليه بالمودة والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع))(8) .
Página 76