وكساد النساء الشرقيات، وتخنث الرجال الشرقيين، وتدسس هذه العروق الفاحشة اللئيمة في ذرية الوطن.
قال: فكم من امرأة وطنية هي حمل على ظهر زوجها!؟
قلت: وكم من امرأة إفرنجية هي كية على قفا صاحبها
7 ...؟
قال: فماذا نصنع ونساؤنا جاهلات لا صبر عليهن؟
قلت: أفتزهق روحك إذا مرضت أم تطب لمرضك في أناة وصبر؟ وهل تفر من وطنك إذا ابتلاك بتضحية، أم تثبت وتتجلد؟ ثم ماذا أفدنا من علومكم إذا لم يحمل كل عالم منكم جاهلة منهن؛ فيعلمها، ويثقفها، ويخلصها إخلاص الذهب الصافي، ويربح ثواب الوطن فيها؟ وإذا كنتم تهملون نساء بلادكم؛ لأنهن جاهلات، فحدثني أفلا يزيدهن ذلك جهلا وضياعا، ويضاعف مصيبة البلاد فيهن وفيكم، ويكون تركهن الذي قد يستصلح سببا لما وراءه من الفساد الذي لا صلاح له؟
وهل ترون المرأة الوطنية منكم إلا كالزهرة: نضرتها في غصونها وأوراقها، فإذا طرحتها غصونها عمل منبتها الاجتماعي فيها - وهو التراب - حين تتصل به عكس ما كان يعمل حين لم يكن يصل إليها من فروعها، وأوراقها غذاء يحمل روح الماء، وروح الشمس؟
أما والله إنكم فئة لا تعد إلا في مصائب وطنها، وإنكم لكالأجنبي، ما دام أحدكم لا يصل أمومة أولاده بتاريخ أمه، وإنكم لكالغاصب، ما دمتم تغصبون حتى نساء الوطن في رجال الوطن، وإنكم لكالعدو، ما دام كل واحد منكم حربا على بيت ... ألا فدعونا من الجاهلين، فقد يكون من بعض عذرهم الجهل ، ومن المتلصصين، فمن عذرهم الحاجة ، ومن المفسدين، فمن عذرهم سوء التربية، ومن الساقطين، فعذرهم ضعف النفس، ومن الخاملين، فعذرهم الترك والإهمال، ثم اعطفوا على هؤلاء مائة واو أخرى، فكلها مسوغة أعذارها المحمولة على محاملها، وكلها أقرب إلى الدهماء منها إلى المتعلمين، وإلى أخلاط الناس منها إلى الخاصة، وإلى السفلة منها إلى العلية ... ولكن ما عذركم أنتم عن شهوات أنفسكم، وإيثاركم هذه الشهوات، واستهتاركم في هذه الأثرة؛ يعجز أحدكم أن يكسر جماح نفسه؛ فيجني على نفس من نساء وطنه، هي التي زهد فيها، واستبدل منها، وعلى نفوس من أبناء وطنه! هم الذين سيعقبهم من ذريته، ويأتي بهم للبلاد أجساما غابت قلوبها، ونفوسا بردت دماؤها؛ ينزعهم العرق الأجنبي من أمهاتهم اللائي ولدنهم إذا حمي دم البلاد لبعض أغراضها، ويكونون في أمراضها من أسباب موتها، وفي صحتها من أسباب أمراضها!
ما لكم تنزلون أنفسكم منزلة الطفل البكر من أهله: ليس له إلا حظوظه وشهواته؛ مسوغا كل ما يقترحه عليهم؛ لأنه هو كان اقتراحهم على الله؛ محمولا على قلوبهم؛ لأنه بعض قلوبهم؛ يفسد المتاع، ويحطم الآنية، وتنزو به النعمة نزوتها؛ فتجعل نصف عقله جنونا، ونصف أدبه حمقا، ونصف المنفعة به ضررا، ونصف ظرفه عنتا، ونصف لينه مشقة؛ ويكون خيره نصف الخير، أما شره فشر اثنين؛ فهلا كنتم من أهل بلادكم كالأب من أولاده: يرى حق ضعفهم أكبر من الحق الذي لقوته، وواجب مرضهم فوق الواجب لصحته؟ فهو يبذل سعة نفسه في ضيق أنفسهم، ويحملهم صغارا ليجعلهم كبارا، ويصبر عليهم حمقى ليجعلهم عقلاء، ويرى عمره كأنه من بعض أرزاقهم، وهو لا يستخلف من العمر شيئا، وحواسه كأنها من بعض خدمهم، وما له غير حواسه، ويراهم كأنما جاءوا إليه من السماء بعد أن اشتروه من الله، وباعه الله منهم بتلك النقطة الشابكة فيهم من دمه!
ألا ليتكم جئتم للبلاد من أوروبا بمحاريث، بدلا من هذه المواريث، وجئتم بالسماد بدلا من هذا الوساد،
Página desconocida