قلت: وأنت من القائلين بتحرير المرأة الشرقية، ومساواتها بالرجل في الحرية المطلقة، وبعثها من هذه القبور التي تسمى المنازل؟
قال: ذلك مذهبي!
قلت: فكيف ترى إذا اقتدى بك المصريون فأصهروا إلى الأوروبيين، وخلطوا الشمل بالشمل؟
قال: لعل ذلك خير الطب لبلادنا، فلا معدل عنه في رأيي؛ إذ يأتيها بالدم الجديد، ويدمج في طباعها النظام والدقة، ويبني البيوت من داخلها.
قلت: أحسنت بارك الله عليك؛ فكيف ترى إذا سألناك التسوية، وقلنا لك: دع أختك تصب إلى رجل أوروبي، وتتزوج منه إجارة ... وتأت به إلى مصر كما أتيت أنت بصاحبة بيتك! ثم لتفعل كل امرأة مصرية فعلها، فيكون لكم أوروبيات، ويقوم عليهن أوروبيون ...؟
قال: أعوذ بالله!
قلت: فعل الله بك وفعل! أفيبلغ من غفلتك أن لا تعرف لعنة الله إلا إذا رأيتها ملء مملكة، ولا تعرف حق وطنك فيك إلا حين تراه غريبا منقطعا، لا حق له في واحد من أهله، ولا تدرك واجب التضحية بلذاتك وشهوات نفسك إلا بعد أن ترى الوطن من اضطراب الموت في مثل حال الذبيحة تدحض برجلها تحت سكين الذابح؟
قال: فما أنا وأمثالي إلا شذوذ من القاعدة التي يجب أن تبقى أبدا قاعدة ...
قلت: فعليكم غضب القاعدة، ومقتها وسخطتها، والله لأن تفجع البلاد فيكم جميعا، وتستركم بالقبور رمة بعد رمة، خير من أن تتقلد منكم بلية الحياة في اختلاط الأنساب، وارتداد الأسماء العربية عن دينها،
6
Página desconocida