Mártires del Fanatismo
شهداء التعصب: رواية تاريخية وقعت أكثر حوادثها في فرنسا على عهد فرنسوا الثاني ملك فرنسا المتوفى سنة ١٥٦٠م
Géneros
فأجابه أمير كوندة: إنني أتمنى أيها الملك أن أموت في سبيل خدمتك!
الفصل الثامن
القتال
في ذلك الوقت نشب القتال، وعلا دوي الرصاص الذي نبه جاليو دي نرساك، ومرسلين، وبرنابا، وللحال غصت شرف الأسوار بالمقاتلين، وتساقط الرصاص مطرا على لارنودي ورجاله، وخر القتلى ركاما. إلا أن ذلك الموت الزؤام لم يثن المتآمرين، بل زحفوا إلى الأمام حتى وصلت كتائبهم الثلاث إلى خنادق المدينة، وإذا بالأبواب قد انفتحت فجأة، وخرج منها الفرسان جماعات كثيرة فهجموا على المحاصرين، وكان هؤلاء قد نهكتهم مشقات السفر، ورقودهم ليلة ملتحفين السماء، وقلما توقعوا لقاء عدو حازم فتفرقوا في الحال، وكان الدوق دي جيز في مقدمة أولئك الفرسان الذين هاجموا لارنودي ورجاله. فعزم لارنودي على أن يقاتل متقهقرا مع رجاله، فلم يلق السلاح، ولم تتمكن الكتيبتان الأخريان اللتان يقودهما بلترو ودي رشيان من الثبات أمام جنود مستريحين، فتقهقروا كذلك، ووقف جنود الدوق متعجبين من سرعة انتصارهم، غير عالمين أن معظم المتآمرين إنما توافدوا لرفع ملتمس إلى الملك، وكان وقوف جنود الدوق دي جيز سببا في اتحاد المتآمرين والتفافهم حول لارنودي فقال لهم: لا شك أنه كان بيننا خائن سوف نحاكمه فيما بعد، أما اليوم فليس أمامنا إلا القتال متراجعين، فليصرف كل منكم جنوده مجتنبا لقاء جنود الملك، وسوف نلتقي الليلة في ضواحي بلوا، وسيظن الدوق دي جيز أننا انهزمنا، وإذ ذاك نتدبر.
وكان لارنودي يتكلم بلهجة تبعث الطمأنينة في النفوس، إلا أنه أحس بأن الهزيمة تامة فلم يتجرأ على التلفظ باسم أمير كوندة، وهو لا يدري إذا كان قد تخلى عنه أو قبض عليه فهو سجين، وأقبل فرسان الملك، ووصل بعضهم شاهرين سيوفهم، وكانوا عشرين فارسا.
فتواثب بعض السكارى إلى لارنودي، واصطفوا حوله لعلمهم ألا بد من وقوعهم أسرى، ففضلوا السقوط في القتال على عذاب الاستنطاق. فودع لارنودي أصدقاءه، وألجأ بلترو ودي رشيان إلى الرجوع، مبينا لهم أن وجودهما مع الجند مما لا بد منه خوفا من الهزيمة، وكان الفرسان العشرون لا يزالون على بعد خمسين خطوة من لارنودي.
وإذا به قد أبصر الدوق، فصاح الرجال: أطلقوا النار على الدوق!
أما الدوق دي جيز فنادى فرسانه قائلا: إلى الأمام! اقتلوا البروتستانتيين!
ولم يصب الرصاص الدوق، فقال لارنودي: قتله الله ألا يصيب اللعين الرصاص! ألا أطلقوا النار يا قوم مرة ثانية.
ثم تقهقروا شيئا فشيئا حتى وصلوا إلى الفندق.
Página desconocida