وقوله صلى الله عليه وآله: ((ما أهدى المسلم لأخيه المسلم هدية أفضل من كلمة حكمة يسمعها فانطوى عليها ثم علمه إياها يزيده الله بها هدى أو يرده عن ردى وإنها لتعدل إحياء نفس ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)).
وقوله صلى الله عليه وآله: ((ما تصدق رجل بصدقة أفضل من علم يبثه في الناس)).
وقوله صلى الله عليه وآله: ((رحم الله من سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه)). وفي خبر آخر: ((فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه)).
فلذلك رغبت أن أجمع بين عيون ما حفظته ونفيس ما رويته زبدا مما صحت لي أسانيدها ومتونها، وتشعبت أفانينها وشجونها، وثبت عندي ضبط رواتها وعدالتهم، إذ هم علماء الآثار وثقاتهم، وجعلت ذلك مما يتعلق بأصول الأحكام المميزة بين الحلال والحرام، مستعينا بالله ذي الجلال والإكرام، معتصما بحوله وقوته في كافة الأحوال، فأقول وبالله التوفيق إلى واضح الطريق.
باب تعيين المواضع المنهي عن قضاء الحاجة فيها
(خبر) وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان إذا أراد البراز لا يراه أحد، رواه المغيرة .
(خبر) وروى المغيرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا ذهب إلى الغائط أو قال خرج من الغائط أبعد وتستر عن العيون يريد خرج إلى الغائط، دل الخبران على أنه يستحب لقاضي الحاجة أن يبعد المذهب، وأن يتوارى عن الناس وهو إجماع مع الإمكان، وعلى الجملة فقد ظهر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمر بالتستر عند قضاء الحاجة، وإبعاد المذهب، وأنه كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، والإجماع ظاهر في أن القعود مشروع في تلك الحال على ما نوضحه، والإجماع ظاهر في كون التستر مشروعا؛ إلا أنه يتناول التحريم مهما كان بارزا في موضع يطلع على عورته ومكروها فيما عدا ذلك، فأما في حال الضرورة فجائز إذا ستر عورته على ما نبينه إن شاء الله تعالى.
Página 3