147

Shifa Uwam

كتاب شفاء الأوام

Géneros

وذكر القاسم في الفرائض والسنن ما لفظه: ليس للناس تأخيرها متعمدين، ولسنا لمن فعل ذلك وإن لم يكن معتلا بحامدين، تم كلام القاسم عليه السلام، ولما بلغ إلى الهادي عليه السلام أن أهل طبرستان لا يصلون العشائين إلا قرب الصبح أنكر عليهم ولم يرخص في ذلك إلا لعذر أو علة، وروى هذا المعنى عن جده القاسم عليهم السلام فحصل من مذهبهما السادة الهارونيون والأخوان، والمؤيد بالله، وأبو طالب عليهم السلام أنه يجوز الجمع بين العجماوين في أول وقت الأولى وآخر وقت الأخرى، قال: وكذلك بين العشائين في أول وقت الأولى وآحر وقت الثانية لأي عذر كان، فإن قيل: إنا نحمل هذه الأخبار على تأخير الصلاة الأولى وتقديم الثانية حتى تكون كل واحدة مفعولة في وقتها، قلنا: قد أجاب عن ذلك المؤيد بالله أحمد بن الحسين عليهم السلام بما معناه: إن ذلك لا يكون جمعا على الحقيقة، وإنما يكون جمعا إذا جمع بينهما في وقت إحداهما، قال: على أنه لا خلاف قي جواز الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة، وفي جواز الجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة، قال: فبان بذلك أن وقت كل واحدة منهما وقت لصاحبتها، ذكره في (شرح التجريد) وروى فيه عن عبيد بن جريج أنه قال لأبي هريرة: ما إفراط صلاة العشاء؟ قال: طلوع الفجر. قال: فإذا روى ذلك عن عمر وأبي هريرة ولم يرو خلافه وإنكاره من غيرهما من الصحابة جرى مجرى إجماعهم على ذلك، تم كلام المؤيد بالله عليهم السلام، وما ذكره المؤيد بالله من أن حمل هذه الأخبار على ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الجمع بين الصلاتين في أسفاره على الوجه الذي بيناه لا يكون جمعا على الحقيقة صحيحا؛ لأن كل واحدة من الصلاتين مفعولة في وقتها للاختيار، ولأن حمل الأخبار جميعها على هذا الوجه يبطل فائدتها وإنما يكون جمعا إذا جمع بينهما في وقت إحداهما، إذ لا خلاف أنه يجوز الجمع بينهما في الحضر على ذلك الوجه الذي كان يفعل في أسفاره على أن تستعمل الأخبار كلها، فإنه يجوز الأمران جميعا عندنا لئلا تبطل فائدة بعض الأخبار وهي كلام حكيم لا يجوز إلغاؤه ولا إبطال فائدته، ونقول وبالله التوفيق إلى أوضح الطريق: إن الأدلة التي ذكرناها تدل على جواز الجمع على كل حال لعذر ولغير عذر غير أنا خصصنا من لا عذر له بالإجماع فإنه يمكن إدعاء الإجماع في أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في أول الأولى وفي آخر الأخرى إلا لعذر فبقي المعذور بأي عذر كان داخلا فيما ذكرناه، والله الهادي، ولأنه قد ثبت بالإجماع جواز الجمع بينهما للمسافر ونحن نقيس من عداه من أهل الأعذار عليه؛ لأنه عذر يجوز به الجمع في وقت الأولى فجاز له الجمع في وقت الثانية دليله السفر؛ ولأنه لو لم يجز التأخير للعذر ضاق ذلك على المكلفين فسمح الله تعالى في التأخير لما معهم من الأعذار؛ ولأنه إذا جاز الجمع للعذر الذي يقف فعله وتركه على اختيار المكلف فلأن يجوز فعله للعذر الذي لا يقف على اختياره كالمريض المتوضئ والشيخ الكبير، والخائف، والمشغول ببعض الطاعات أولى وأحرى.

قال أبو طالب: وكذا المشغول ببعض المباحات، يعضد هذا القول الظواهر نحو قول الله تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]، وقول الله تعالى:{ما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج:78].

(خبر) وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((بعثت بالدين الحنيفية السمحة)).

(خبر) وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يسروا ولا تعسروا)) فثبت بذلك جواز الجمع على الوجه الذي قد بيناه في أول الوقت وآخره للعذر، ويعضده ظاهر (خبر) وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) رواه أبو هريرة.

Página 148