La teología del libro de la curación
الالاهيات من كتاب الشفاء
Géneros
بالعرض، لأن الذي بالعرض هو على أحد النحوين المذكورين، فبقي أن تلك الخاصية بنفسها موجبة. فالخاصية الموجبة تسمى قوة، وهذه القوة عنها تصدر الأفاعيل الجسمانية وإن كان بمعونة من مبدأ أبعد. ولنؤكد بيان أن لكل حادث مبدأ ماديا، فنقول بالجملة: إن كل حادث بعد ما لم يكن فله لا محالة مادة، لأن كل كائن يحتاج إلى أن يكون - قبل كونه - ممكن الوجود في نفسه، فإنه إن كان ممتنع الوجود في نفسه لم يكن البتة. وليس إمكان وجوده هو أن الفاعل قادر عليه، بل الفاعل لا يقدر عليه إذا لم يكن هو في نفسه ممكنا. ألا ترى أنا نقول: إن المحال لا قدرة عليه، ولكن القدرة هي على ما يمكن أن يكون فلو كان إمكان كون الشيء هو نفس القدرة عليه، كان هذا القول كأنا نقول: إن القدرة إنما تكون على ما عليه القدرة، وكأنا نقول: إن المحال ليس عليه قدرة لأنه ليس عليه قدرة، وما كنا نعرف أن هذا الشيء مقدور عليه أو غير مقدور عليه بنظرنا في نفس الشيء، بل نظرنا في حال قدرة القادر هل عليه قدرة أم لا. فإن أشكل علينا أنه مقدور عليه أو غير مقدور عليه لم يمكننا أن نعرف ذلك البتة، لأنا إن عرفنا ذلك من جهة أن الشيء محال أو ممكن وكان معنى المحال هو أنه غير مقدور عليه ومعنى الممكن أنه مقدور عليه، كنا عرفنا المجهول بالمجهول. فبين واضح أن معنى كون الشيء ممكنا في نفسه هو غير معنى كونه مقدورا عليه وإن كانا بالموضوع واحدا، وكونه مقدورا عليه لازم لكونه ممكنا في نفسه، وكونه ممكنا في نفسه هو باعتبار ذاته وكونه مقدورا عليه هو باعتبار إضافته إلى موجده. وإذا قد تقرر هذا، فإنا نقول: إن كل حادث فإنه قبل حدوثه إما أن يكون في نفسه ممكنا أن يوجد أو محالا أن يوجد. والمحال أن يوجد لا يوجد. والممكن أن يوجد قد سبقه إمكان وجوده، وأنه ممكن الوجود، فلا يخلو إمكان وجوده من أن يكون معنى معدوما أو معنى موجودا، ومحال أن يكون معنى معدوما وإلا فلم يسبقه إمكان وجوده، فهو إذن معنى موجود. وكل معنى موجود فإما قائم في موضوع أو قائم لا في موضوع، وكل ما هو قائم لا في موضوع فله وجود خاص لا يجب أن يكون به مضافا. وإمكان الوجود إنما هو بالإضافة إلى ما هو إمكان وجود له، فليس إمكان الوجود جوهرا لا في موضوع، فهو إذن معنى في موضوع وعارض لموضوع. ونحن نسمي إمكان الوجود قوة الوجود؛ ونسمي حامل قوة الوجود الذي فيه وجود الشيء موضوعا وهيولي ومادة وغير ذلك بحسب اعتبارات مختلفة، فإذن كل حادث فقد تقدمته المادة، فنقول: إن هذه الفصول التي أوردناها توهم أن القوة - على الاطلاق - قبل الفعل ومتقدمة عليه لا في الزمان وحده،
Página 91