فيكون مثلا الرطب واليابس متعادلين فيه، لكن الحار أكثر من البارد، أو البارد أكثر من الحار، أو يكون الحار والبارد متعادلين فيه، لكن اليابس أكثر من الرطب، أو الرطب أكثر من اليابس، أو يكون الحر والرطوبة غالبين معا، أو الحر واليبوسة، أو البرد والرطوبة، أو البرد واليبوسة، فتكون الأقسام تسعة.
وأما أنه أيها يمكن أن يوجد، وأيها لا يمكن أن يوجد، فينبغي أن يكون ما تقدم من الأصول التى أعطيناكها مغينا إياك عن بسطنا الكلام فيه، ومعطيا لك قدرة على تحصيل الأمر فيه.
لكن ههنا شىء آخر، وهو أن الأمزجة أيضا تختلف بحسب أجساد الحيوانات والنبات وأجزائها وسائر الكائنات. فيكون منها ما هو كما ينبغي لسلامة الفاصل من ذلك النوع، وإن كان فيه، مثلا، من الماء ضعف الأرض . فإن كان كذلك فهو معتدل بالقياس إليه وعدل له. وإن خرج عن هذا الحد المحدود فإما أن يخرج خروجا مجاوزا للحد الذى هو طرف مزاج ذلك النوع فإن لمزاج كل نوع عرضا يحتمله إذا جاوز أقصى كل واحد من حديه بطل نوعه فحينئذ لا يجوز أن يكون مزاجا لذلك الشىء. وإما أن يخرج خروجا محتملا، فتكون الغلبة إما مفردة، على ما قلنا، وإما مركبة.
وهذه الأمزجة تدل عليها الكيفيات التى تتبعها دلالة قوية؛ وذلك بأن الروائح الحارة تدل على حرارة غالبة، والهادئة الرائحة تدل على مزاج بارد. والطعوم أيضا تدل على القوى. وذلك لأن رءوس الطعوم تسعة تتركب من الأمزجة الحارة واليابسة والمعتدلة مع الأجسام اللطيفة والكثيفة والمعتدلة، على ما يمكنك أن تعرفه من كتب الأطباء. فيدل الحريف والمر والمالح على الحار؛ ويدل الحامض والعفص على البارد.
Página 264