وإذا كانت الرطوبة المنشوفة مائية رقيقة أسرع نفوذها. وكثيرا ما تكون سرعة الحركة سببا لتسخين الرطوبة، حتى تتبخر وتتحلل. وإن لم تكن الرطوبة مائية؛ بل كانت دهنية، أبطأ نفوذها. ولا ينشف من الأجسام اليابسة إلا ذو مسام موجودة بالفعل لطيفة. وأما المصمت فلا ينشف، وكذلك مسامه مملوءة من غير الهواء.
وقد بقى مما نحن نتكلم فيه الانحصار والاتصال والانخراق.
فالانحصار هو قبول الرطب وضعا يلزمه شكل مساو لشكل باطن ما يحويه. فإن كان ما يحويه مشتملا على جميعه تشكل جميعه بشكله؛ وإن كان أعظم منه، فإن كان الجسم الرطب مائيا، وينقص من الحاوي سطحه الأعلى، تشكل علوه بتقبيب. والسبب فى ذلك التقبيب أن ذلك السطح لا يلزمه شكل غريب. وإذا لم يلزمه كان له الشكل الذى عن طبعه. والشكل الذى عن طبعه هو الكرى.
والجسم الرطب إن كان مخلى عنه امتد فى وضعه نافذا؛ وإن كان محصورا أو ممنوعا تشكل فى الحاصر والمانع بمثل شكله.
وأما الاتصال فهو أمر يخص الرطب، وهو أن الرطب، إذا لاقى ما يماسه، بطل السطح بينها بسهولة، وصار مجموعها واحدا بالاتصال. واليابس لا يسهل ذلك فيه.
والرطوبات المختلفة إذا اجتمعت، فما كان منها مثل الماء والدهن، ظهر تميز السطوح فيها؛ وما لم يكن كذلك؛ بل كان مثل دهنين، أو مثل شراب وخل وماء، لم يظهر. فيشبه أن تتحد فى بعضها السطوح اتحادا، وأن تخفى فى بعضها عن الحس. وتحقيق الأمر فى ذلك وتفصيله فى كل شىء مما يصعب.
Página 243