وإذا نفذت الرطوبة فى العمق، ولم يحدث العارض المذكور، كما فى حال النشف الذى لا يبلغ الترطيب البالغ، فلا يسمى نقيعا.
والنشف يحدث لدخول الرطوبة المائية إثر ما ينفش من مسام الجسم اليابس من الأجزاء الهوائية المحصورة فيه المحتبسة فى مجاريه بالقسر لضرورة الخلاء.فإذا وجدت ما ينفذ، ويقوم مقامها، أمكنها أن تتحلل بالطبع الذى يقتضي مفارقتها له.فإن انحصار الهوائية فى الأرضية وفى المائية انحصار قسرى. فإذا تحلل وانفصل وجرى الماء فى مجاريه فربما عرض لما يجري فى المسام ، وخالطه الجسم، أن ينعقد من اليبوسة للمخالطة لمثل السبب الذى ينعقد له الملح، وما يجرى مجراه. فيعرض له ما يعرض فى الجص إذا خلط به الماء وكذلك فى النورة وغيره. وربما لم يعرض.
وكثير مما ينشف يعرض له أن يجف فى الحال. وذلك لأن الرطوبة إذا كانت قليلة، وانجذبت بالقوة إلى باطن لم يجب أن تحتبس على الظاهر إذا لم تجد الهواء الآخر المماس للرطوبة يتبعها منجذبا عن انجذابها من الهواء المنفصل. ويكون جذب الهواء الآخر للمقسور أشد من ممانعة الهواء الذى فى موضعه الطبيعي، لأن المقسور المحبوس المضيق ذو ميل بالفعل.
والذى فى موضعه الطبيعي لا ميل له بالفعل، إلا إذا تحرك وزال عن موضعه. وإنما ينفعل من الهواء الحادث فيما نحن فيه من الهواء ما هو ساكن فى موضعه لا ميل له. وإذا تحرك غلب ميله الطبيعي أيضا، فلم يكن ميل الساكن الذى لم يترعج من ذاته ميلا طبيعيا.
Página 242