الفصل الثامن فصل فى الحل والعقد
ينبغي أن يستقصي القول فى أمر الحل والعقد. فليس كل شىء ينحل عن إذابة الحر. فقد تنحل أشياء من البرد والرطوبة، بل قد تنعقد أشياء من الحر. فإن الملح يعسر انحلاله بالنار، وينحل بالماء والنداوة بالسهولة، حتى يصير ماء من غير أن يكون داخله من جوهر الماء زيادة يعتد بها، أو يكون بحيث لو خلط مثلها بجسم يابس سيله. والبيض ينعقد بالنار حتى يصلب بعد سيلانه، وانحلاله. وكثير من الأشياء يعرض له أن لا ينعقد بالحر؛ بل يخثر. وكثير منها ما يعرض له ذلك من البرد كالزيت. وكثير من الأشياء يخثر بها جميعا، كالعسل. وأما المنى فإنه يرق لا محالة بالبرد.
فنقول أولا: إن من شأن المائية أن تخترق بالمخالطة، وأن تجمد بالبرد، وأن تنعقد أيضا باليبوسة. فلذلك يصير الماء أرضا، لا بزيادة برد تلحقه. وإذا جمد البرد فربما كان ذلك بمشاركة من ضغط الحار أولا، ومعونة منه حتى يحدث بخارا حارا، ويتحلل فيتبعه الجمود.
Página 235