ترى في الطريق والمراكب العامة والمجامع؛ مجامع اللهو أو العلم، وقاحة في وجوه لا حياء فيها، وتسمع بذاءة في ألسن لا آداب لها، وترى من هيئات الجلوس والقيام والمشي ما لا يوقر فيه صغير كبيرا ولا يرحم كبير صغيرا.
ربما ترى أستاذا جليلا جلس إلى جانبه في مركبة عامة تلاميذ صغار لا يرعونه في حركة ولا كلمة، وترى شبانا يدخل عليهم الشيوخ فلا يوسعون لهم في المجلس، بله أن يقوموا لهم.
كل أدب يعلمه البيت أو المدرسة ضائع في طرقنا ومجامعنا، ولا صلاح ما لم يعن بالآداب العامة، ويؤخذ المخلون بها بالحزم والبطش.
لا بد لنا من محتسب مسلط يردع السفهاء، ويحمي العقلاء، وتربية تملأ الأنفس بالأدب والحياء فإننا نسير سيرة يعرف العاقل غايتها ويخشى الحكيم نهايتها.
الثلاثاء 8 رجب/25 أبريل
مغارس الجرائم
تمر أحيانا على قهوة في حي من مدينة، فترى شبانا جالسين يضحكون ويصيحون ويتبعون المارة أنظارهم. تراهم أحيانا يلعبون بالأوراق مقامرين سرا وعلانية، وتجدهم ساهرين الليل يشربون المسكرات، أو تجدهم متنازعين متخاصمين، متضاربين، تعرف في وجههم المنكر، والاستهانة بالناس وقلة المبالاة بالآداب، وترى شعرا طويلا أشعث، ووجها كالحا أغبر، وعينا أمرضها السكر والسهر. وكثيرا ما ترى هؤلاء سائرين في الطريق حربا على الأخلاق، وجناية على الآداب.
هؤلاء فيما أرى لا يجلسون مجالسهم هذه ليلا ونهارا إلا دبروا لجريمة يرتكبونها، أو ثارت في أنفسهم جريمة يصيب بها بعضهم بعضا، أو أوحوا إلى الأنفس الإجرام والإفساد. كلما رأيت هؤلاء أو تخيلتهم رأيت بؤرة من بؤر الشر، ومنبعا من منابع الفساد، وسميت مجامعهم هذه «مشاتل الجرائم». والحكومة تستهين بأمرهم ولا تعنى بهم، والناس عنهم غافلون، ولكنهم يحصدون كل حين ما يزرعون.
الأربعاء 9 رجب/26 أبريل
دهان على وبر
Página desconocida