والرابع: كاف التشبيه، إذا لم تكن زائدة، والتشبيه: عقد القلب على أنّ أحد الشيئين يَسُدُّ مَسَدَّ الآخر في معنىً من المعاني، نحو زيد كعمرو. اعلم. أن هذا الكاف حرف على رأي جميع النّحاة إلا عند أبي جعفر فإنه قال: الأظهر أنها اسم أبدًا لأنّها بمعنى مثل، وما هو بمعنى اسم فهو اسم، والجمهور استدلّوا لحرفيتها بأن يقال: لو كانت اسمًا لما استقلّ بها الصلة، لأنَّ الصلة لا تكون إلَّا جملة، فلو جُعلت اسمًا لكانت الصلّة مضافة إلى مدخولها، والمضاف مع المضاف إليه ككلمة واحدة لا يصلح أن يُجعل صلة، وأمّا إذا كانت حرفًا فالحرف يقتضي متعلقًا، والتعلّق في الصلة لا تكون إلا فعلًا، والفعل يقتضي فاعلًا، فيكون الصّلة جملة، هذا هو الصواب لا محيص عنه المُنْهَمُ المذاب.
فإذا عرفت ما تلونا عليك علمت أنّ زعم الأخفش محجوج عليه، وأنّ هذه الكاف قد تكون زائدة كما قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، وقد يكون اسمًا بمعنى المثل، وسيبويه لا يحكم باسميتها إلّا عند الضرورة، حيث تدخل عليها حروف الجرّ، والأخفش يجوّز ذلك من غير ضرورة، وزعم الأخفش وابن عصفور أنها لا تتعلق بشيء، قال ابن عصفور: إذا قلت: جاءني الَّذي كزيد، ليس للكاف متعلّق، لأن المقدّر في المجرور إذا وقع صلة لا يكون إلا ما يناسب الحرف، فإنّ المقدّر في نحو: جاءني [الذي] في الدّار استقرّ، لأن في الوعاء والاستقرار مناسب له، ولو قلت: جاءني الَّذي في الدار، تريد ضحك وأكل في الدار لم يجز، لأنه ليس في الكلام ما يدلّ عليه. فالمناسب بكاف التشبيه [أن تقدر أشبّه وهو غير جائز لأنه متعدٍّ بنفسه والعرب] لم يتلفظ به مع الكاف في موضع [الجر]، يدلّ ذلك على أنّ الكاف لم يتعلق بشيء، هذا غاية السقوط، لأنّ المستقر يجوز فيه تقدير الأفعال العامّة، وإن وجد فيه قرينة الخصوص.
1 / 70