وتصرّف الأخفش والفرّاء في الضمائر، فقال: إن تصرّفات الضمير لا تكاد تنحصر، كتأكيد المنصوبات والمجرورات بالمرفوعات، نحو: رأيتُني أنا، ومررت بك أنت، ووقوع المرفوع موقع المجرور في قوله: ما أنا كأنت، وكأنّ تقدير ما كثرت أمثاله في كلام العرب أَوْلى من تقدير ما لم يكثر، ورجّح ابنُ الحاجب مذهب سيبويه بأن يقال: قياسية بـ (ما أنَا كأنت) فضعيف لقلّة استعماله وشذوذه بخلاف ما حمل عليه سيبويه فإنه كثير، وأمّا وقوع المرفوع موقع المجرور في قولك: مررت بك أنت، فللضرورة إذ لا يمكن إلّا كذلك، وأما وقوع المرفوع موقع المنصوب فلضرورة الفرق بين التأكيد والبدل، فإذا قالوا: ضربته إيّاه، كان بدلًا، وضربته هو، كان تأكيدًا، ورجّح الشيخ الرضيّ مذهب الأخفش وقال: لو كان لولا حرف جر، ولم تكن زائدة للزم من متعلّق، ولا متعلّق في نحو: لولاك، ظاهرًا، ولا يصح تقديره، هذا فانظر ما في الرضي فاسلكْ ما هو الصّواب عندك.
والأكثر مبتدأ، وخبره: أن يقال، والجملة مبتدأ، ومقول القول: لولا أنا، ولولا أنت، ولولا هو، كما عرفت فيما سبق، الضمير الواقع بعد لولا يجب أن يكون مرفوعًا منفصلًا كما قال الله تعالى: ﴿لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾. هذا دليل بحسب الظّاهر على ما قاله الأكثر، ولكن الدليل حقيقة، عدم وقوع خلافه في كلام الله تعالى، (فأنتم) على رأي البصريين: مبتدأ، وخبره محذوف وهو: حاضرٌ أو موجودٌ، لقيام العلم به بجواب (لولا) ظاهرًا، ولَكُنَّا: جوابها، لأنّ جواب لولا التي لغير التحضيض باللّام.
وأمّا على رأي الكسائي، أنتم: فاعل فعل محذوف، ولَكُنَّا: جوابها.
وعلى رأي الفرّاء، أنتم: فاعل لولا، وجوابها لكُنَّا، وسنذكر في بحث لولا تفصيلًا مُشبعًا إن شاء الله تعالى.
1 / 69