اعلم أنّ (الّلام) إمّا إشارة إلى نفس الحقيقة، أو إلى حصة معينة منها، واحدًا كان أو اثنين أو جماعة، وهو العهد الخارجي، ونحو علم الشخص.
والأوّل إمّا أن يُطلق على نفس الحقيقة من غير نظر إلى ما صدقت الحقيقة عليه من الأفراد، وهو تعريف الجنس والحقيقة، وإمّا على حصّة [غير] معينة وهو العهد الذهبي، ومثله النكرة، وإمّا على الأفراد وهو الاستغراق ومثله كل مضاف إلى نكرة، هذا على سبيل التحقيق، وأمّا المشهور فالاستغراق ومقابل لتعريف الجنس.
وذو التّعريف الجنسي بالرفع صفة لذو، وبالجر صفة للتعريف يقرب من النكرة.
قال الشريف: وهذا القرب إنّما هو بين النكرة، والمعرّف بلام الجنس إذا أريد به الجنس، من حيث وجوده في ضمن فرد لا بعينه لأجل قرينة تقتضي ذلك، كقولك حيث لا عهد: أكلت الخبز وشربت الماء.
فإنّ مؤدّى المعرّف مؤدّى المنكر، وهو الفرد المنتشر، كأنّك قلت: أكلت خبزًا وشربت ماء.
والفرق هو أنّك في المعرّف تشير إلى كون ماهيّة ذلك الفرد معلومة، وليس في المنكّر هذه الإمارة، والتعريف الجنسي المأخوذ بهذا الاعتبار هو المسمّى تعريف العهد الجنسي، وإذا قصد بالمعرّف بلام الجنس إلى الماهية من حيث هي، فبيْن المُعَرَّف والمنكر بَوْنٌ بعيد.
فيحتمل الجملة من قوله تعالى: ﴿يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ وجهين:
أحدهما: الحالية لأنّ الحمار بلفظ المعرفة، وإن كان نكرة في المعنى.
والثاني: الصفة لأنّه كالنكرة في المعنى، وإن كان معرفة بحسب الظاهر.
وإنما قال كالنكرة إشارة إلى الفرق الَّذي ذكرناه قبله، قال ابن الملك في شرحه لـ "المصابيح": الأَوْلى أن يُجْعَلَ صفةً. انتهى.
1 / 59