ومثال الواقعة حالًا، إعراب هذه المذكورات كإعراب ما سبق: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ﴾ خبر المبتدأ وهو مثال الواقعة، فجملة تستكثر بالرّفع حال من الضمير المستتر، صفة للضمير. في تمنن متعلّق للمستتر المقدّر صفة بعد صفةِ بانت متعلّق للمقدّر لأن الضمائر كلّها معارف بل هي أعرف المعارف، قيل هنا لعطف الجملة على الجملة لأن الضمائر كلها معارف، فيكون لترك الأوّل والأخذ ما فيه هو أهمّ من الأوّل مع ثبوته، فتكون جملة تستكثر حالًا من الضمير بلا ريبة، لكونه أعرف المعرفة.
ومثال المحتملة للوجهين، أي الحال والصفة بعد النكرة غير المحضة، بعد: ظرف والعامل فيه المحتملة، ويجوز أن يكون العامل فيه مقدّرًا، فحيئذٍ يكون حالًا من المحتملة، ويجوز أن يكون صفةً فيقدَّر متعلِّق معرّفًا، فيكون تقدير الكلام الكائن أو الَّذي حصل بعد التنكير، كما صرّح الأخفش لأنّ اللاّم في المحتملة بمعنى الَّذي، فلا يجوز أن تكون الجملة الخبريّة صفة لمعرفة إلَّا بهذا التأويل نحو: مررت برجل صالح يصلّي، فإن شئت قدّرتَ جملة يصلّي صفة ثانية لرجل، الموصوف [بصالح] لأنّه نكرة أي لأنّ رجلًا نكرة، والنكرة لم تَخْرج بالتوصيف عن كونه نكرة، وإن كانت غير محضة، وإن شئت قدَرتها حالًا منه أي: إن شئت قدّرت جملة يصلّي حالًا من الرجل، فعلى الأوّل يكون في محل الجرّ، وعلى الثاني في محل النصب لأنّه: هذا تعليل لتقدير جملة يصلّي حالًا من النكرات، أي لأنّ رجلًا قد قرب من المعرفة باختصاصه بالصفة الأولى، فيعامل معاملة المعرفة، وإن لم يكن معرفة.
ومثال المحتملة للوجهين بعد المعرفة غير المحضة، والمصنّف لم يقيّد به اعتمادًا على ما تَقَدَّم. قوله تعالى ﴿كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾. شبّه قَرَأةَ التوراة وحفّاظَ ما فيها من اليهود بالحمار، لكونهم غيرّ عاملين بها، ومتفقهين بآياتها، وذلك لأنّ فيها نَعْتَ رسول الله ﵇ والبشارةَ به، ولم يؤمنوا به، كالحمار يحمل أسفارًا، أي كتابًا من كتب العلوم، فهو
يمشي بها ولا يدري منها إلَّا ما أصابه من التّعب، فكلُّ من عَلِمَ ولم يَعْمَلْ فهو مثل الحمار فإنّ المراد بالحمار الجنس.
1 / 58