(فظَلَّ العَذارَى يرتَمِينَ بلَحْمِها ... وشَحمٍ كهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ)
العرب تقول: ظل فلان يفعل كذا وكذا، إذا فعله نهارا؛ وبات يفعل كذا وكذا، إذا فعله ليلا. وظل من
الفعل فعل، ويظل يفعل، كان الأصل فيهما ظلل يظلل، فكرهت العرب أن يجمع بين حرفين
متحركين من جنس واحد فأسقطوا حركة الحرف الأول وأدغموه في الثاني، كما قالوا صم يصم،
والأصل فيه صمم يصمم، فأسقطوا حركة الميم الأولى وأدغموها في الثانية لما ذكرنا.
والعذارى موضعهن رفع بظل، كان الأصل فيهن العذارى، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفتها، لأن
الضمة إعراب والياء قد تكون إعرابا، فكرهوا أن يدخلوا الضمة عليها لهذه العلة. وخبر ظل ما عاد
من يرتمين من ذكر العذارى، والنون علامة الرفع والجمع والتأنيث.
وقال أبو عبيدة: معنى قوله (يرتمين بلحمها): يتهادينه ويناول بعضهن بعضا. والدمقس والمدقس:
كل ثوب أبيض من كتان أو إبريسم أو قز. وقال قوم: شبه شحم هذه الناقة وهؤلاء الجوارى
يترامينه، أي يتهادينه، بهدأب الدمقس، وهو غزل الإبريسم المفتول.
وقال الأصمعي: الهداب الهدب. والدمقس: الحرير. كانوا يتخذون قطفا من حرير يركبون عليها،
وكانت حواشيها مما يلي الهداب منها بيضا. فشبه بياض اللحم ولينه ونعمته بذلك. يقال هداب
وهدب.
وقال ابن حبيب: شبَّه اللحم في بياضه بالدمقس. وقد يكون أن يحتذبنه ليلقم بعضهن بعضا. فشبه
رقه الهدب به.
وقال السجستاني: ثم اقبل يخبر أنهن كن يرتمين بلحمها وشحمها، يرمى بعضهن بعضا به، شهوة
له.
1 / 35