Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
قال الربيع بن زياد الحارثي : كنت عاملا لأبي موسى الأشعري على البحرين فكتب إليه عمر بالقدوم عليه هو وعماله ، وأن يستخلفوا جميعا . فلما قدمنا المدينة أتيت يرفأ حاجب عمر ، فقلت : يا يرفأ ، مسترشد وابن سبيل ! أي الهيئات أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عماله ؟ فأومأ إلي بالخشونة ، فاتخذت خفين مطارقين ، ولبست جبة صوف ، ولثت عمامتي على رأسي ، ثم دخلنا على عمر فصفنا بين يديه ، فصعد بصره فينا وصوب ، فلم تأخذ عينه أحدا غيري ، فدعاني ، فقال : من أنت ؟ قلت : الربيع بن زياد الحارثي ، قال : وما تتولى من أعمالنا ؟ قلت : البحرين ، قال : كم ترزق ؟ قلت : ألفا ، قال : كثير ، فما تصنع به ؟ قلت : أتقوت منه شيئا ، وأعود بباقيه على أقارب لي ، فما فضل منهم فعلى فقراء المسلمين ، قال : لا بأس ، ارجع إلى موضعك . فرجعت إلى موضعي من الصف ، فصعد فينا وصوب ، فلم تقع عينه إلا علي فدعاني ، فقال : كم سنك ؟ قلت : خمس وأربعون ، فقال : الآن حيث استحكمت ! ثم دعا بالطعام ، وأصحابي حديث عهدهم بلين العيش ، وقد تجوعت له ، فأتى بخبز يابس وأكسار بعير ، فجعل أصحابي يعافون ذلك ، وجعلت آكل فأجيد ، وأنا أنظر إليه ، وهو يلحظني من بينهم ، ثم سبقت مني كلمة تمنيت أني سخت في الأرض ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن الناس يحتاجون إلى صلاحك ، فلو عمدت إلى طعام ألين من هذا ! فزجرني ، ثم قال : كيف قلت ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أن تنظر إلى قوتك من الطحين فيخبز قبل إرادتك إياه بيوم ، ويطبخ لك اللحم كذلك ، فتؤتى بالخبز لينا ، وباللحم غريضا . فسكن من غربه ، وقال : أههنا غرت ! قلت : نعم ، فقال : يا ربيع ، إنا لو نشاء لملأنا هذه الرحاب من صلائق وسبائك وصناب ، ولكني رأيت الله نعى على قوم شهواتهم ، فقال : ' أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ' ، ثم أمر أبا موسى بإقراري ، وأن يستبدل بأصحابي .
أسلم عمر بعد جماعة من الناس ، وكان سبب إسلامه أن أخته وبعلها أسلما سرا من عمر ، فدخل إليهما خباب بن الأرت ، يعلمهما الدين خفية ، فوشى بهم واش إلى عمر ، فجاء دار أخته ، فتوارى خباب منه داخل البيت ، فقال عمر : ما هذه الهينمة عندكم ؟ قالت أخته : ما عدا حديثا تحدثناه بيننا . قال : أراكما قد صبوتما ! قال ختنه : أرأيت إن كان هو الحق ! فوثب عليه عمر فوطئه وطئا شديدا ، فجاءت أخته فدفعته عنه ، فنفحها بيده ، فدمى وجهها ، ثم ندم ورق ، وجلس واجما ، فخرحج إليه خباب فقال : أبشر يا عمر ، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله لك الليلة ، فإنه لم يزل يدعو منذ الليلة : ' اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمرو بن هشام ' .
Página 111