Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
ثم قال عليه السلام : ومباين بين محارمه ، الواجب أن يكون ومباين بالرفع لا بالجر ، فإنه ليس معطوفا على ما قبله ، ألا ترى أن جميع ما قبله يستدعي الشيء وضده ، أو الشيء ونقيضه ؛ وقوله : ومباين بين محارمه ، لا نقيض ولا ضد له ، لأنه ليس القرآن العزيز على قسمين : أحدهما مباين بين محارمه والآخر غير مباين ، فإن ذلك لا يجوز ، فوجب رفع مباين ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف . ثم فسر ما معنى المباينة بين محارمه ، فقال : إن محارمه تنقسم إلى كبيرة وصغيرة ، فالكبيرة أوعد سبحانه عليها بالعقاب ، والصغيرة مغفورة ، وهذا نص مذهب المعتزلة في الوعيد .
ثم عدل عليه السلام عن تقسيم المحارم المتباينة ، ورجع إلى تقسيم الكتاب فقال : وبين مقبول في أدناه ، وموسع في أقصاه ، كقوله : ' فاقرءوا ما تيسر منه ' ، فإن القليل مقبول ، والكثير منه موسع مرخص في تركه .
الأصل : وفرض عليكم حج بيته الحرام ، الذي جعله قبلة للأنام ، يردونه ورود الأنعام ، ويولهون إليه وله الحمام . وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته ، وإذعانهم لعزته . واختار من خلقه سماعا أجابوا إليه دعوته ، وصدقوا كلمته ، ووقفوا مواقف أنبيائه ، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه ، يحرزون الأرباح في متجر عبادته ، ويتبادرون عنده موعد مغفرته . جعله سبحانه وتعالى للإسلام علما ، وللعائذين حرما ، وفرض حقه ، وأوجب حجه ، وكتب عليكم وفادته ، فقال سبحانه : ' ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ' . الشرح : الوله : شدة الوجد ؛ حتى يكاد العقل يذهب ، وله الرجل يوله ولها . ومن روى : يألهون إليه ولوه الحمام ، فسره بشيء آخر ، وهو يعكفون عليه عكوف الحمام . وأصل أله عبد ، ومنه الإله ، أي المعبود . ولما كان العكوف على الشيء كالعبادة له لملازمته والانقطاع إليه قيل : أله فلان إلى كذا ، أي عكف عليه كأنه يعبده . ولا يجوز أن يقال : يألهون إليه ، في هذا الموضع بمعنى يولهون ، وأن أصل الهمزة الواو كما فسره الراوندي ، لأن فعولا لا يجوز أن يكون مصدرا من فعلت بالكسر ، ولو كان يألهون هو يولهون ، كان أصله أله بالكسر ، فلم يجز أن يقول : ولوه الحمام ، وأما على ما فسرناه نحن فلا يمتنع أن يكون الولوه مصدرا ، لأن أله مفتوح ، فصار كقولك : دخل دخولا . وباقي الفصل غني عن التفسير .
الملائكة وآدم والبيت المعمور
Página 80