Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
قيل : قد اختلف شيوخنا رحمهم الله في هذه المسألة ، فمن ذهب منهم إلى أنهما غير مخلوقتين الآن يقول : قد ثبت بدليل السمع أن سائر الأجسام تعدم ولا يبقى في الوجود إلا ذات الله تعالى ؛ بدليل قوله : ' كل شيء هالك إلا وجهه ' ، وقوله : ' هو الأول والاخر ' . فلما كان أولا بمعنى انه لا جسم من الوجود معه في الأزل وجب أن يكون آخرا ، بمعنى أنه لا يبقى في الوجود جسم من الأجسام معه فيما لا يزال ، وبآيات كثيرة أخرى ، وإذا كان لا بد من عدم سائر الأجسام لم يكن في خلق الجنة والنار قبل أوقات الجزاء فائدة : لأنه لا بد أن يفنيهما مع الأجسام التي تفنى يوم القيامة ، فلا يبقى مع خلقهما من قبل معنى . ويحملون الآيات التي دلت على كون آدم عليه السلام كان في الجنة وأخرج منها ، على بستان من بساتين الدنيا . قالوا : والهبوط لا يدل على كونهما في السماء لجواز أن يكون في الأرض ؛ إلا أنهما في موضع مرتفع عن سائر الأرض .
وأما غير هؤلاء من شيوخنا فقالوا : إنهما مخلوقان الآن ، واعترفوا بأن آدم كان في جنة الجزاء والثواب ، وقالوا : لا يبعد أن يكون في إخبار المكلفين بوجود الجنة والنار لطف لهم في التكليف ، وإنما يحسن الإخبار بذلك إذا كان صدقا ، وإنما يكون صدقا إذا كان خبره على ما هو عليه .
آدم والملائكة أيهما أفضل
فإن قيل : فما الذي يقوله شيوخنا في آدم والملائكة : أيهما أفضل ؟ قيل : لا خلاف بين شيوخنا رحمهم الله أن الملائكة أفضل من آدم ومن جميع الأنبياء عليهم السلام ، ولو لم يدل على ذلك إلا قوله تعالى في هذه القصة : ' إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ' ، لكفى .
وقد احتج أصحابنا أيضا بقوله تعالى : ' لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ' ، وهذا كما تقول : لا يستنكف الوزير أن يعظمني ويرفع من منزلتي ولا الملك أيضا . فإن هذا يقتضي كون الملك أرفع منزلة من الوزير وكذلك قوله : ' ولا الملائكة المقربون ' ، يقتضي كونهم أرفع منزلة من عيسى .
ومما احتجوا به قولهم : إنه تعالى لما ذكر جبرائيل ومحمدا عليه السلام في معرض المدح ، مدح جبرائيل عليه السلام بأعظم مما مدح به محمدا عليه السلام ، فقال : ' إنه لقول رسول كريم ، ذي قوة عند العرش مكين ، مطاع ثم أمين ، وما صاحبكم بمجنون ، ولقد رآه بالأفق المبين ، وما هو على الغيب بضنين ' . فالمديح الأول لجبرائيل والثاني لمحمد عليه السلام ، ولا يخفى تفاوت ما بين المدحين .
Página 72