Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
الأصل : ثم أسكن آدم دارا أرغد فيها عيشته ، وآمن فيها محلته ، وحذره من إبليس وعداوته ، فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار المقام ، ومرافقة الأبرار ، فباع اليقين بشكه ، والعزيمة بوهنه ، واستبدل بالجذل وجلا ، وبالاعتزاز ندما ، ثم بسط الله سبحانه له في توبته ، ولقاه كلمة رحمته ووعده المرد إلى جنته ؛ فأهبطه إلى دار البلية ، وتناسل الذرية .
الشرح : أما الألفاظ فظاهرة ، والمعاني أظهر ، وفيها ما يسأل عنه .
فمنها أن يقال : الفاء في قوله عليه السلام : فأهبطه ، تقتضي أن تكون التوبة على آدم قبل هبوطه من الجنة .
والجواب ، أن ذلك أحد قولي المفسرين ، ويعضده قوله تعالى : ' وعصى آدم ربه فغوى ، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ، قال اهبطا منها ' ، فجعل الهبوط بعد قبول التوبة .
ومنها أن يقال : إذا كان تعالى قد طرد إبليس من الجنة لما أبى السجود ، فكيف توصل إلى آدم وهو في الجنة حتى استنزله عنها بتحسين أكل الشجرة له ! الجواب ، أنه يجوز أن يكون إنما منع من دخول الجنة على وجه التقريب والإكرام ، كدخول الملائكة ، ولم يمنع من دخولها على غير ذلك الوجه . وقيل : أنه دخل في جوف الحية ، كما ورد في التفسير .
ومنها أن يقال : كيف اشتبه على آدم الحال في الشجرة المنهي عنها فخالف النهي ! الجواب ، أنه قيل له : لا تقربا هذه الشجرة ؛ وأريد بذلك نوع الشجرة ، فحمل آدم النهي على الشخص ، وأكل من شجرة أخرى من نوعها .
ومنها أن يقال : هذا الكلام من أمير المؤمنين عليه السلام تصريح بوقوع المعصية من آدم عليه السلام ، وهو قوله : فباع اليقين بشكه والعزيمة بوهنه ، فما قولكم في ذلك ؟ الجواب ، أما أصحابنا فإنهم لا يمتنعون من إطلاق العصيان عليه ، ويقولون : إنها كانت صغيرة ، وعنده أن الصغائر جائزة على الأنبياء عليهم السلام . وأما الإمامية فيقولون : إن النهي كان نهي تنزيه لا نهي تحريم ، لأنهم لا يجيزون على الأنبياء الغلط والخطأ ، لا كبيرا ولا صغيرا ، وظواهر هذه الألفاظ تشهد بخلاف قولهم .
كيف ابتدأ خلق البشر
Página 68