Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
ومنها أن يقال : كيف يجوز السجود لغير الله تعالى ؟ والجواب ، أنه قيل : إن السجود لم يكن إلا لله تعالى ، وإنما كان آدم عليه السلام قبلة . ويمكن أن يقال : إن السجود لله على وجه العبادة ، ولغيره على وجه التكرمة ؛ كما سجد أبو يوسف وإخوته له . ويجوز أن تختلف الأحوال والأوقات في حسن ذلك وقبحه .
ومنها أن يقال : كيف جاز على ما تعتقدونه من حكمة البارئ أن يسلط إبليس على المكلفين ؛ أليس هذا هو الاستفساد الذي تأبونه وتمنعونه ! والجواب ، أما الشيخ أبو علي رحمه الله فيقول : حد المفسدة ما وقع عند الفساد ، ولولا لم يقع مع تمكن المكلف من الفعل في الحالين ، ومن فسد بدعاء إبليس لم يتحقق فيه هذا الحد ، لأن الله تعالى علم أن كل من فسد عند دعائه ، فإنه يفسد ، ولو لم يدعه .
وأما أبو هاشم رحمه الله ، فيحد المفسد بهذا الحد أيضا ، ويقول : إن في الإتيان بالطاعة مع دعاء إبليس إلى القبيح مشقة زائدة على مشقة الإتيان بها ، لو لم يدع إبليس إلى القبيح ، فصار الإتيان بها مع اعتبار دعاء إبليس إلى خلافها خارجا عن الحد المذكور ، وداخلا في حيز التمكن الذي لو فرضنا ارتفاعه لما صح من المكلف الإتيان بالفعل ، ونحن قلنا في الحد مع تمكن المكلف من الإتيان بالفعل في الحالين .
ومنها أن يقال : كيف جاز للحكيم سبحانه أن يقول لإبليس : ' إنك من المنظرين ' إلى يوم القيامة ! وهذا إغراء بالقبيح ، وأنتم تمنعون أن يقول الحكيم لزيد : أنت لا تموت إلى سنة ، بل إلى شهر أو يوم واحد ، لما فيه من الإغراء بالقبيح ، والعزم على التوبة قبل انقضاء الأمد .
والجواب ، أن أصحابنا قالوا : إن البارئ تعالى لم يقل إبليس : إني منظرك إلى يوم القيامة ، وإنما قال : ' إلى يوم الوقت المعلوم ' ، وهو عبارة عن وقت موته واخترامه ، وكل مكلف من الإنس والجن منظر إلى يوم الوقت المعلوم على هذا التفسير ، وإذا كان كذلك لم يكن إبليس عالما أنه يبقى لا محالة ، فلم يكن في ذلك إغراء له بالقبيح .
فإن قلت : فما معنى قوله عليه السلام : وإنجازا للعدة ؟ أليس معنى ذلك أنه قد كان وعده أن يبقيه إلى يوم القيامة ! قلت : إنما وعده الإنظار ، ويمكن أن يكون ليوم القيامة وإلى غيره من الأوقات ولم يبين فيه ، فهو تعالى أنجز له وعده في الإنظار المطلق ، وما من وقت إلا ويجوز فيه أن يخترم إبليس فلا يحصل الإغراء بالقبيح . وهذا الكلام عندنا ضعيف . ولنا فيه نظر مذكور في كتبنا الكلامية .
Página 67