Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
فقال معاوية : إن لي في الإسلام لقدما ، وإن كان غيري أحسن قدما مني ، لكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني ، ولقد رأى عمر بن الخطاب ذلك ، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن عند عمر هوادة لي ولا لغيري ، ولم أحدث ما ينبغي له أن أعتزل عملي ، فلو رأى ذلك أمير المؤمنين لكتب إلي بخط يده فاعتزلت عمله ، فمهلا فإن في دون ما أنتم فيه ما يأمر فيه الشيطان وينهى . ولعمري لو كانت الأمور تقضى على رأيكم وأهوائكم ما استقام الأمر لأهل الإسلام يوما ولا ليلة ، فعاودوا الخير وقولوه ، فإن الله ذو سطوات ؛ وإني خائف عليكم أن تتتابعوا إلى مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن فيحلكم ذلك دار الهوان في العاجل والآجل . فوثبوا على معاوية فأخذوا برأسه ولحيته فقال : مه ! إن هذه ليست بأرض الكوفة ، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم ؛ فلعمري إن صنيعكم يشبه بعضه بعضا .
ثم قام من عندهم ، وكتب إلى عثمان في أمرهم ، فكتب إليه أن ردهم إلى سعيد بن العاص بالكوفة . فردهم ، فأطلقوا ألسنتهم في ذمه وذم عثمان وعيبهما . فكتب إليه عثمان أن يسيرهم إلى حمص ، إلى عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فسيرهم إليها .
وروى الواقدي قال : لما سير بالنفر الذي طردهم عثمان عن الكوفة إلى حمص - وهم : الأشتر ، وثابت بن قيس الهمداني ، وكميل بن زياد النخعي ، وزيد بن صوحان ، وأخوه صعصعة ، وجندب بن زهير الغامدي ، وجندب بن كعب الأزدي وعروة بن الجعد ، وعمر بن الحمق الخزاعي ، وابن الكواء - جمعهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، بعد أن أنزلهم أياما ، وفرض لهم طعاما ، ثم قال لهم يا بني الشيطان ، لا مرحبا بكم ولا أهلا ؛ قد رجع الشيطان محسورا . وأنتم بعد في بساط ضلالكم وغيكم ! جزى الله عبد الرحمن إن لم يؤذكم ! يا معشر من لا أدري أعرب هم أم عجم ! أتراكم تقولون لي ما قلتم لمعاوية ! أنا ابن خالد بن الوليد ! أنا ابن من عجمته العاجمات ، أنا ابن فاقئ عين الردة ؛ والله يابن صوحان لأطيرن بك طيرة بعيدة المهوى إن بلغني أن أحدا ممن معي دق أنفك فأقنعت رأسك .
قال : فأقاموا عنده شهرا ، كلما ركب أمشاهم معه ، ويقول لصعصعة : يابن الخطيئة ، إن من لم يصلحه الخير أصلحه الشر ؛ ما لك لا تقول كما كنت تقول لسعيد ومعاوية ! فيقولون : سنتوب إلى الله ، أقلنا أقالك الله ! فما زال دأبه ودأبهم ، حتى قال : تاب الله عليكم ، فكتب إلى عثمان يسترضيه عنهم ، ويسأله فيهم ، فردهم إلى الكوفة .
قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى : ثم إن سعيد بن العاص قدم على عثمان سنة إحدى عشرة من خلافته . فلما دخل المدينة اجتمع قوم من الصحابة ، فذكروا سعيدا وأعماله ، وذكروا قرابات عثمان وما سوغهم من مال المسلمين ، وعابوا أفعال عثمان ، فأرسلوا إليه عامر بن عبد القيس - وكان متألها ، واسم أبيه عبد الله ، وهو من تميم ، ثم من بني العنبر - فدخل على عثمان ، فقال له : إن ناسا من الصحابة اجتمعوا ونظروا في أعمالك ، فوجدوك قد ركبت أمورا عظاما ، فاتق الله وتب إليه . فقال عثمان : انظروا إلى هذا ، تزعم الناس أنه قارئ ، ثم يجيء إلي فيكلمني فيما لا يعلمه ! والله ما تدري أين الله ! فقال عامر : بلى والله لأدري أن الله لبالمرصاد .
Página 80