Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Investigador
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
وأما قوله : وإذا لم يشرف على حمده بالقول فكيف يوصل إليه بالفعل ! ، فكلام مبني على أن الحمد قد يكون بالفعل ، وهو خلاف ما يقوله أرباب هذه الصناعة .
وقوله : والإله مصدر بمعنى المألوه كلام طريف ، أما أولا ، فإنه ليس بمصدر ؛ بل هو اسم ، كوجار للضبع وسرار للشهر ؛ هو اسم جنس كالرجل والفرس ، يقع على كل معبود بحق أو باطل ، ثم غلب على المعبود بالحق ، كالنجم اسم لكل كوكب ثم غلب على الثريا ، والسنة : اسم لكل عام ثم غلب على عام القحط . وأظنه رحمه الله لما رآه فعالا ، ظن أنه مصدر كالحصاد والجذاذ وغيرهما . وأما ثانيا ؛ فلأن المألوه صيغة مفعول ، وليست صيغة مصدر إلا في ألفاظ نادرة ، كقولهم : ليس له معقول ولا مجلود ، ولم يسمع مألوه في اللغة ، لأنه قد جاء : أله الرجل إذا دهش وتحير ؛ وهو فعل لازم لا يبنى منه مفعول . ثم قال الراوندي وفي قول الله تعالى : ' وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ' ، بلفظ الإفراد ، وقول أمير المؤمنين عليه السلام ، لا يحصي نعماءه العادون ، بلفظ الجمع . سر عجيب ، لأنه تعالى أراد أن نعمة واحدة من نعمه لا يمكن العباد عد وجوه كونها نعمة ، وأراد أمير المؤمنين عليه السلام أن أصول نعمه لا تحصى لكثرتها ، فكيف تعد وجوه فروع نعمائه ! وكذلك في كون الآية واردة بلفظ إن الشرطية ، وكلام أمير المؤمنين عليه السلام على صيغة الخبر ، تحته لطيفة عجيبة ؛ لأنه سبحانه يريد أنكم إن أردتم أن تعدوا نعمه لم تقدروا على حصرها ، وعلي عليه السلام أخبر أنه قد أنعم النظر ، فعلم أن أحدا لا يمكنه حصر نعمه تعالى .
ولقائل أن يقول : الصحيح أن المفهوم من قوله : ' وإن تعدوا نعمة الله ' الجنس ؛ كما يقول القائل : أنا لا أجحد إحسانك إلي ، وامتنانك علي ، ولا يقصد بذلك إحسانا واحدا ، بل جنس الإحسان .
وما ذكره من الفرق بين كلام البارئ وكلام أمير المؤمنين عليه السلام غير بين ، فإنه لو قال تعالى : وإن تعدوا نعم الله ، وقال عليه السلام : ولا يحصي نعمته العادون ، لكان كل واحد منهما سادا مسد الآخر .
أما اللطيفة الثانية فغير ظاهرة أيضا ولا مليحة ؛ لأنه لو انعكس الأمر ؛ فكان القرآن بصيغة الخبر وكلام علي عليه السلام بصيغة الشرط ، لكان مناسبا أيضا ، حسب مناسبته ، والحال بعكس ذلك ، اللهم إلا أن تكون قرينة السجعة من كلام علي عليه السلام تنبو عن لفظة الشرط ، وإلا فمتى حذفت القرينة السجيعة عن وهمك لم تجد فرقا ، ونحن نعوذ بالله من التعسف والتعجرف الداعي إلى ارتكاب هذه الدعاوى المنكرة .
Página 46