247

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

دخل ابن السماك على الرشيد ، فقال له : عظني ، ثم دعا بماء ليشربه ، فقال له : ناشدتك الله ؛ لو منعك الله من شربه ما كنت فاعلا ؟ قال كنت أفتديه بنصف ملكي . قال : فاشربه ، فلما شرب ، قال : ناشدتك الله ! لو منعك الله من خروجه ما كنت فاعلا ؟ قال : كنت أفتديه بنصف ملكي ، قال : إن ملكا يفتدى به شربة ماء ، لخليق ألا ينافس عليه .

قال المنصور لعمرو بن عبيد رحمه الله تعالى : عظني ، قال : بما رأيت أم بما سمعت ؟ قال : بما رأيت . قال : رأيت عمر بن عبد العزيز ، وقد مات ، فخلف أحد عشر ابنا ، وبلغت تركته سبعة عشر دينارا ، كفن منها بخمسة دنانير ، واشتري موضع قبره بدينارين ، وأصاب كل واحد من ولده دون الدينار . ثم رأيت هشام بن عبد الملك ، وقد مات وخلف عشرة ذكور ، فأصاب كل واحد من ولده ألف ألف دينار . ورأيت رجلا من ولد عمر بن عبد العزيز ، قد حمل في يوم واحد على مائة فرس في سبيل الله ، ورأيت رجلا من ولد هشام ، يسأل الناس ليتصدقوا عليه .

حسان بن أبي سنان : ما شيء أهون من ورع ؛ إذا رابك شيء فدعه .

مورق العجلي : لقد سألت الله حاجة أربعين سنة ، ما قضاها ولا يئست منها ، قيل : وما هي ؟ قال : ترك ما لا يعنيني .

قتادة : إن الله ليعطي العبد على نية الآخرة ما يسأله من الدنيا ، ولا يعطيه على نية الدنيا إلا بالدنيا .

من كلام محمد بن واسع : ليس في النار عذاب أشد على أهلها من علمهم بأنه ليس لكربهم تنفيس ، ولا لضيقتهم ترفيه ، ولا لعذابهم غاية ، وليس في الجنة أبلغ من علم أهلها بأن ذلك الملك لا يزول عنهم .

قال بعض الملوك لبعض الزهاد : اذمم لي الدنيا ، قال : أيها الملك ، هي الآخذة لما تعطي ، المورثة بعد ذلك الندم ، السالبة ما تكسو ، المورثة بعد ذلك الفضوح ، تسد بالأراذل مكان الأفاضل ، وبالعجزة مكان الحزمة ، تجد في كل من كل خلفا ، وترضى بكل من كل بدلا ، تسكن دار كل قرن قرنا ، وتطعم سؤر كل قوم قوما .

ومن كلام الحجاج - وكان مع غشمه وإلحاده واعظا بليغا مفوها - خطب فقال : اللهم أرني الغي غيا فأتجنبه ، وأرني الهدى هدى فأتبعه ، ولا تكلني إلى نفسي ضلالا بعيدا ؛ والله ما أحب أن ما مضى من الدنيا بعمامتي هذه ، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء . وقال مالك بن دينار : غدوت إلى الجمعة ، فجلست قريبا من المنبر ، فصعد الحجاج ، فسمعته يقول : امرؤ زور عمله ، امرؤ حاسب نفسه ، امرؤ فكر فيما يقرؤه في صحيفته ، ويراه في ميزانه ، امرؤ كان عند قلبه زاجر ، وعند همه آمر ، امرؤ أخذ بعنان قلبه ، كما يأخذ الرجال بخطام جمله ، فإن قاده إلى الطاعة الله تبعه ، وإن قاده إلى معصية الله كفه ، إننا والله ما خلقنا للفناء ، وإنما خلقنا للبقاء ، وإنما ننتقل من دار إلى دار .

Página 61