240

Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia

شرح نهج البلاغة

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

بيروت

وذكر أن القائم إليه ، العارض نفسه عليه جندب بن عفيف الأزدي ، هو وابن أخ له يقال له : عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف .

قال : ثم أمر الحارث الأعور الهمداني ، فنادى في الناس : أين من يشتري نفسه لربه ويبيع دنياه بآخرته ؟ أصبحوا غدا بالرحبة إن شاء الله ، ولا يحضر إلا صادق النية في السير معنا ، والجهاد لعدونا فأصبح وليس بالرحبة إلا دون ثلاثمائة ، فلما عرضهم ، قال : لو كانوا ألفا كان لي فيهم رأي .

وأتاه قوم يعتذرون ، فقال : ' وجاء المعذرون ' ، وتخلف المكذبون ، ومكث أياما باديا حزنه شديد الكآبة ، ثم جمع الناس فخطبهم فقال : أما بعد ، أيها الناس ، فوالله لأهل مصركم في الأمصار أكثر من الأنصار في العرب ، وما كانوا يوم أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتى يبلغ رسالات ربه إلا قبيلتين ، قريبا مولدهما ، ما هما باقدم العرب ميلادا ، ولا بأكثرهم عددا . فلما آووا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ونصروا الله ودينه ، رمتهم العرب عن قوس واحدة ، فتحالفت عليهم اليهود ، وغزتهم القبائل قبيلة بعد قبيلة ، فتجردوا لنصرة دين الله ، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل ، وما بينهم وبين اليهود من الحلف ، ونصبوا لأهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة ، وأهل الحزن والسهل ، وأقاموا قناة الدين ، وصبروا تحت حماس الجلاد ، حتى دانت العرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأى منهم قرة العين قبل أن يقبضه الله عز وجل إليه ، وأنتم اليوم في الناس أكثر من أؤلئك ذلك الزمان في العرب .

فقام إليه رجل آدم طوال ، فقال : ما أنت بمحمد ، ولا نحن بأولئك الذين ذكرت ، فقال عليه السلام : أحسن سمعا تحسن إجابة ! ثكلتكم الثواكل ! ما تزيدونني إلا غما ! هل أخبرتكم أني محمدا ، وأنكم الأنصار ! إنما ضربت لكم مثلا ، وإنما أرجو أن تتأسوا بهم . ثم قام رجل آخر ، فقال : ما أحوج أمير المؤمنين اليوم وأصحابه إلى أصحاب النهروان . ثم تكلم الناس من كل ناحية ولغطوا ، وقام رجل منهم فقال بأعلى صوته : استبان فقد الأشتر على العراق ! أشهد لو كان حيا لقل اللغط ، ولعلم كل امرئ ما يقول .

فقال علي عليه السلام : هبلتكم الهوابل ! أنا أوجب عليكم حقا من الأشتر ؛ وهل للأشتر عليكم من الحق إلا حق المسلم على المسلم ! فقام حجر بن عدي الكندي وسعيد بن قيس الهمداني ، فقالا : لا يسوءك الله يا أمير المؤمنين ، مرنا بأمرك نتبعه ، فوالله ما نعظم جزعا على أموالنا إن نفدت ، ولا على عشائرنا إن قتلت في طاعتك . فقال : تجهزوا للمسير إلى عدونا .

Página 54