Comentario sobre El Sendero de la Elocuencia
شرح نهج البلاغة
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Editorial
دار الكتب العلمية
Edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
قال إبراهيم : كان اسم عامل علي عليه السلام على مسلحة الأنبار أشرس بن حسان البكري . ورى إبراهيم عن عبد الله بن قيس ، عن حبيب بن عفيف ، قال : كنت مع أشرس بن حسان البكري بالأنبار على مسلحتها ، إذ صبحنا سفيان بن عوف في كتائب تلمع الأبصار منها ، فهالونا والله ، وعلمنا إذ رأيناهم أنه ليس لنا طاقة بهم ولا يد ، فخرج إليهم صاحبنا وقد تفرقنا فلم يلقهم نصفنا ، وايم الله لقد قاتلناهم فأحسنا قتالهم ، حتى كرهونا ، ثم نزل صاحبنا ، وهو يتلو قوله تعالى : ' فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ' . ثم قال لنا : من كان لا يريد لقاء الله ، ولا يطيب نفسا بالموت ، فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم ، فإن قتالنا إياهم شاغل لهم عن طلب هارب ، ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار . ثم نزل في ثلاثين رجلا ، فهممت بالنزول معه ، ثم أبت نفسي ، واستقدم هو وأصحابه ، فقاتلوا حتى قتلوا رحمهم الله ، وانصرفنا نحن منهزمين .
قال إبراهيم : وقدم علج من أهل الأنبار على علي عليه السلام ، فأخبره الخبر ، فصعد المنبر فخطب الناس ، وقال : إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار ، وهو معتز لا يخاف ما كان ، واختار ما عند الله على الدنيا ، فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم ، فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا .
ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلم منهم متكلم ، فلم ينبس أحد منهم بكلمة ، فلما رأى صمتهم نزل ، وخرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة ، والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من أشرافهم ، فقالوا : ارجع يا أمير المؤمنين ونحن نكفيك ، فقال : ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم ! فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله ، فرجع وهو واجم كئيب ، ودعا سعيد بن قيس الهمداني ، فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف ، وذلك أنه أخبر أن القوم جاؤوا في جمع كثيف .
فخرج سعيد بن قيس على شاطئ الفرات في طلب سفيان بن عوف ، حتى إذا بلغ عانات ، سرح أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني ، فاتبع آثارهم حتى دخل أداني أرض قنسرين وقد فاتوه ، فانصرف .
قال : ولبث علي عليه السلام ، ترى فيه الكآبة والحزن ، حتى قدم عليه سعيد بن قيس ، وكان تلك الأيام عليلا ، فلم يقو على القيام في الناس بما يريده من القول ، فجلس بباب السدة التي تصل إلى المسجد ، ومعه ابناه حسن وحسين عليهما السلام ، وعبد الله بن جعفر ، ودعا سعدا مولاه ، فدفع إليه الكتاب ، وأمره أن يقرأه على الناس ، فقام سعد بحيث يستمع علي عليه السلام صوته ، ويسمع ما يرد الناس عليه ، ثم قرأ هذه الخطبة التي نحن في شرحها .
Página 53